لا أرى للزمان يا صاح عذرا
ديوان السيد حيدر الحلي
لا أرى للزمانِ يا صاح عذرا=أفيدري لمن تأبَّط شرّا
ولمن بغتة ً ألمَّ بخطبٍ=ساء فيه الأنامُ عبداً وحرّا
ردَّ فيه حزناً نواصي الليالي=ووجوهُ الأنام شعثاً وغبرا
وحشا المكرمات حرّى وعينُ=المجد عبري ومهجة الفضل حرِّي
مَن عذيري من لائمٍ فيك لا=أقفذوى بغتة ً وقد كان نضرا
قد نعته العلياءُ وهو بقبرٍ=مذ حواه لصبرها صار قبرا
يا هلالاً رجوتُ يكمل بدراً=محقته يدُ الردى فاستسِّرا
مَن عذيري من لاثمٍ فيك لا=أقبل عذلاً وليس يقبل عذرا؟
لام حتى بلومه ضقتُ ذرعاً=مل ما ضقتُ في مصابكَ صدرا
قلت دعني ومقلة ً لي عبري=ببكاها ومهجة لي حرّى
لا تسمني قرارَ عيني فهذا=ضؤوها في ثرى اللحود استقرَّا
هو منّي شطرُ الحشا أوَ=أسلو بعدما من حشاي فأرقتُ شطرا؟
عجباً صرتُ فيه أسمح للترب=ومنه عليه أطرح وقرا
بعد ظنّي على العيون جميعاً=أن ترى ذلك المحيّا الأغرّا
كان لي في حياته العيشُ=حلواً وهي اليوم بعده قد أمرّا
وبحسبي ما عشتُ داءً لنفسي=أنا أبقى ويسكن اللحدُ قسرا
كيف ما متُّ إنني لجليدٌ وبه=أنشبت يدُ الموت ظفرا
استجدُّ الثيابَ حياً لجسمي=وهو يبلى في الترب ميتاً معرّى
لم أخلني كذا أكون صبوراً=وفؤادي بسهمه قد تفرّى
رمتُ رفعَ الآلام عنه بجهدي=شفقاً لا لأبلغ الناسَ عذرا
وبذلت الطريفَ من جلِّ=مالي مع بذل التليد منه ليبرا
ورودِّي لو كان يبقى و=املقتُ إذا كان ذا لعيني أقرَّا
سوءة ٌ للزمان ما لي أراه=ساء مَن أحسنوا لأبناه طرّا
هم بنو المصطفى ومَن في=البرايا كبني المصطفى سماحاً وبرّا
فئة ُ المجد معشرُ الشرف=المحض قبيل العليا وناهيك فخرا
قد أرقَّ الحرصُ الأنامَ ولكن=لم يكن غيرُهم على الأرض حرّا
قد كساهم «محمدٌ» صالحَ=الأفعال بُرداً من فخره طاب نشرا
ورعٌ من رآه قال لعمري=إن لله في معانيكَ سرّا
ملكيُّ الصفات لكن تراه=بشرى َّ الأعضاء قد جلَّ قدرا
لك نفسٌ قدسيّة ٌ قد=تمحضت بها للإله سرّا وجهرا
هي تلك النفسُ التي بين جنبي=ذي المعالي أخيك ليست بأخرى
شرعاً قد سموتما للمعالي=وإليها ركبتما النجمَ ظهرا
تمَّ فيه ما كان ساء وسّرا=فهو ملء الزمان نفعاً وضرّا
ذو يسارٍ يزرى بيمنى سواه=ويمينٍ كانت لراجيه يسرا
هي أجرى من البحار نوالاً=ومن الغاديات أغزرُ دَرّا
تخصب الأرض في نداه إذا=الجد بُ أديمُ الصعيد فيه اقشعرّا
كيف لا تحسد النجومُ ثراه=وبه قد سما على الشهب فخرا
قد جرى سابقاً وصلّى أمينُ ال=(***)
ثم حلاّ معاً بأرفع مجدٍ=طلعا في سماه شمساً وبدرا
فغدا كلُّ نيِّرٍ بهما هادٍ=لمن رام للمكارم مسرى
يا بني المصطفى رسختم=حلوماً فغدوتم على النوائب صبرا
ذا الجزا أنتمُ حرِّيون فيه=لكن الصبرُ أنتم فيه أحرى
ومصاب الماضي يهون إذا=ما كنتَ أنت الباقي وإن عزَّ قدرا