نهج الحسين أب وأمّ للهدى (كربلائية 1432ه) مرتضى الشراري العاملي
نهج الحسين أبٌ وأمٌ للهدى
زحفوا ألوفاً للحسين بكربلا=كي يقتلوا القرآنَ والإسلاما
كي يقطعوا نحرَ الصلاة وروحها=كي يدفنوا التطوافَ والإحراما
كي يسحقوا نبض الزكاة بظلمهم=ومن الصيامِ يجرّدون صياما
كي يثكلوا قلب الشريعة بالهدى=كي يرجعوا الأنصابَ والأصناما
ليقيّدوا العدلَ الفتيَّ بظلمِهم=حتى يعودَ كأنّه ما قاما
زحفوا ألوفاً مثلما زحف الدجى=ليضخَّ في وجه الحياةِ ظلاما
زحفوا لنصرة كأس خمرٍ مترعٍ=هامت به شفةُ اللعين هُياما
زحفوا لنصرة قردهِ وكلابِه=زحفوا ليبقوا عنده أغناما!
جاؤوا بقعقعة السلاحِ وجلّهم=يدري الحسينَ مطهّراً وإماما
يدرونَ أنّ المصطفى بجبينه=لكنّهم سلّوا عليه حُساما !
يدرون بالفردوس رهنَ ولائه=لكنّهم ملأوا البطونَ حَراما
يدرون أنّ الحقَّ حادي ركبِه=لكنّهم منحوا الضلال زِماما
جاؤوا يرومون الحياة وزيفَها=وبريقَها الخدّاع والأوهاما
لو أنهم نصروا الحسينَ لأحرزوا=فوق المنى الفردوسَ والإنعاما
صلّوا! ألم يتفكّروا؟! فعلى الذي=جاؤوا لقتله يقرؤون سلاما !!
ضلّوا كأنعام أضاعتْ دربَها=والذئبُ ينشدُ تلكمُ الأنعاما
يبكي الحسينُ عليهمُ إذ إنهم=في قتله سيُضرَّمون ضِراما
عجباً لرحمته! كذا عجبا لهم=كم في قباله يصبحون لئاما!
يدعوهمُ كي يرجعوا عن غيّهم=ركبوا العنادَ ولم يطيقوا كلاما
ردوا عليه بألسنٍ مسنونةٍ=بل أمطروه حجارةً وسهاما!
عبدوا هواهم، إنّ مَن عبَدَ الهوى=سيرى الشفاءَ من السَقام سَقاما!
أرخى عنانَ المجد سِبطُ المصطفى=ورأى الحمايةَ للصلاة حِماما
أعطى النفيسَ بل النفيسَ جميعه=أضحى لناصية الفدا رسّاما
جعل النجوم مواطئاً لدمائهِ=فوق السموّ إلى الخلود تسامى
صنعَ الحياةَ بنحره وضلوعه=واشتق من وسم الإباء وساما
ليست حياة المرء مافوق الثرى=ليست هي الأيام والأعواما
إنّ الحسين حياتُه فوق المدى=قد أعجزتْ بعطائها الأقلاما
نحبو إلى وصف الفداء بأسطر=تبقى أمام إمامنا أقزاما
نهج الحسين أبٌ وأمٌ للهدى=إنّا بلا نهج الحسين يتامى
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة=بل هام قلبي في هواك هُياما
أبكيك أنك للجمال جماله=وبأنّ ذكركَ عطّر الأياما
لولاك ما بقي الربيع بمقلتي=كلا ولا بقي السلامُ سلاما
أنا ما شهدتُ الطفّ لكن أدمعي=ظلّت كأني قد شهدتُ سِجاما
عِظَم الفجيعة كان أعظم منطقاً=ممن روى الأحداث و الآلاما
نتهجأ الطفّ الأليم بفكرنا=يبقى يحيّر عندنا الأفهاما
يومٌ تفرّد في الوجود وجوده=قد جاوز الأفلاكَ و الأجراما
هذي الدموعُ خُطىً إليه لعلنا=نأتي الضفاف لنشحذ الإلهاما
مَن لي بشِعرٍ يرسم الحدث الذي=لو قيل قد جعل الجبال رُكاما
أو قيل قد عقم الربيع بُعيْده=والشمسُ صارت لا تزيل ظلاما
والسعد جفّت وجنتاه ولم يعد=في العيش ذاك المشرقَ البسّاما
لو قيل ذلك ما تعجّب مؤمن=أو خاف لو يحكي بذاك ملاما
فالطفّ لولا شاء ربك حكمةً=لغدا ابتداءُ الكائنات ختاما
لهفي عليه مقطّعاً أشلاؤه=ملأ القلوب تماسكاً ولحاما
لهفي على الظمآن يسقي نبعُه=عطش القلوبِ ويحفظ الإسلاما
أأبا الإباء، ولم يكن له من أبٍ=حتى مجيئك فاستطال قياما
أأبا الفداء، وما تركت لمفتدٍ=شأواً يُطالُ ولا تركتَ زماما
هذا الختام، وما بدأتُ بفضلكم=حتى أسوقَ لما بدأتُ ختاما
نبع المكارم كلّها لو قد نأى=عنه الكِرامُ فلن يكونوا كراما