لله قلبك
ديوان السيد حيدر الحلي
إن ضاع وترك يابن حامي الدين
( حيدر بن سليمان الحلي )
إن ضاع وترك يابن حامي الدين=لاقال سيفك للمنايا كوني
أَولم تُناهض آلَ حربٍ هاشمٌ=لا بشّرت علويّة ٌ بجنين
أَمعلّلَ البيضِ الرقاق بنهضة=في يوم حرب بالردى مشحون
كم ذا تهزُّك للكريهة ِ حنّة ٌ=من كل مشجية الصهيل صفون
طال انتظار السمر طعنتك التي=تلد المنون بنفس كل طعين
عجباً لسيفك كيف يألف غمدَه=وشباهُ كافلُ وِتره المضمون
لله قلبُك وهو اغضبُ للهدى=ما كان أَصبرَه لهتك الدين
فيما اعتذارك للنهوض وفيكم=للضيم وَسمٌ فوق كلِّ جبين
ايمينكم فقدت قوائم بيضها=أم خيلكم اضحت بغير متون
لا استكّ سمع الدهر سيفُك صارخاً=في الهام فاصل محده المسنون
إن لم تقُدها في القتام طوالعاً=فكأنّها قِطعُ السحابِ الجون
ماإن سطت يحماة ثغر تهامة=إلاّ ذَعرن حماة َ ثغر الصين
يحملن منك إلى الأعادي مخدراً=يرمي المنون لقاؤه بمنون
غضبان إن لبس الضواحي مصحراً=نزعت له الآساد كل عرين
فمتى أراك وأنت في اعقابها=بالرمح تطعن صلب كل ركين
حيث الطريد أمام رمحك دمعه=كغروب هاضبة القطار هتون
لم يمسِحنَّ جفونَه إلاّ رأى=شوك القنا الأهداب رأي مطعون
والموتُ يسأم قبض أرواح العدى=تعباً لقكعك حبل كل وتين
فتمهد الدنيا بإمرة عادل=وبنهي علام وقسط أمين
ومُضاءِ منصلتٍ وعزمِ مجرّبٍ=وأناتِ مقتدرٍ وبطشِ مكين
اتشيم سيفك عن جماجم معشر=وتروكم بالذحل في صفين
وحنين بيضهم الرقاق بهامكم=ملأَ الزمانَ برنّة ٍ وحنين
وكمينُ حقد الجاهلية ِ فيهم=أنى طلعتم غالكم بكمين
غصبوكم بشبا الصوارم أنفساً=قام الوجود بسرها المكنون
كم موقفٍ حلبوا رقابكم دماً=فيه وأعينكم نجيع شؤون
لا مثل يومكم بعرصة كربلا=في سالفات الدهر يوم شجون
قَد أرهفوا فيه لجِدكَ أنصلاً=تركت وجوهكم بلا عرنين
يوم أبي الضيم صابر محنة=غضب الإلهُ لوقعها في الدين
سلبته أطرافُ الأسنّة ِ مهجة ً=تفدى بجملة عالم التكوين
فثوى بضاحية الهجير ضريبة ً=تحت السيوف لحدها المسنون
وقفت له الأفلاكُ حينَ هويّه=وتبد لت حركاتها بسكون
وبها نعاه الروح يهتف منشداً=نفذت وراءَ حجابه المخزون
وتصك جبهتك السيوف وإنها=لولا يمينك لم تكن ليمين
ما كنتَ حين صُرعتَ مضعوف القوى=فاقول لم ترفد بنصر معين
وأما وشيبتك الخضيبة إنها=لأبر كل إليه ويمين
لو كنتَ تستامُ الحياة َ لأرخصت=منها لك الأقدارُ كلّ ثمين
أو شئتَ محوَ عداك حتّى لا يُرى=منهم على الغبراء شخص قطين
لأخذت آفاق البلاد عليهم=وشحنت قطريها بجيش منون
حتّى بها لم تُبق نافخَ ضرمة ٍ=منهم بكلّ مفاوزٍ وَحصون
لكن دعتك لبذل نفسك عصبة=حان انتشارُ ضلالِها المدفون
فرأيتَ إنّ لقاءَ ربِّك باذلاً=للنفس أفضلُ من بقاء ضنين
فصبرت نفسك حيث تلتهب الضبا=ضرباً يذيب فؤادَ كلّ رزين
والحربُ تطحن شوسَها برحاتِها=أضمير غيب الله كيف لك القنا
والسمر كالأضلاع فوقك تنحني=والبيض تنطبق انطباق جفوني
وقضيتَ نَحبَك بين أظهر معشرٍ=حُملوا بأخبث أظهُرٍ وبطون
وأجلُّ يومٍ بعد يومك حلّ في=الإسلام منه يشيبُ كلُّ جنين
يوم سرت اسرى كما شاء العدى=فيه الفواطمُ من بني ياسين
ابرزن من حرم النبي وإنه=حرمُ الإله بواضحِ التبيين
من كلّ محصنة ٍ هناك برغمها=أضحت بلا خدر ولا تحصين
سُلبت وقد حجبَ النواظرَ نورُها=عن حر وجه بالعفاف مصون
قذفت بهن يد الخطوب بقفرة=هيماء صالية الهجير شطون
فغدت بهاجرة الظهيرة بعدما=كانت بفياح الظلال حصين
حرّى متى التهبت حشاشتُها ظماً=طفقت تروح قلها بأنين
وَحَدَتْ بها الأعداءُ فوق مصاعبٍ=ترمي السهول من الفلا بحزون
لاطاب ظلك يازمان ولاجرت=أنهار مائك للورى بمعين
ماكان أوكسها لكفك صفقة=فيها ربحت ندامة َ المغبون
فلقد جمعت قواك في يوم به=ألقحت أمَّ الحادثات الجون
وبه مُذ ابتكرت مصيبة ُ كربلا=عقُمت فما لنتاجها من حين
احماة ثغر الدين حيث سيوفكم=شَرِعت محجّة َ نهجهِ المسنون
صلّى الإلهُ عليكم ما مِنكم=هتفَ الصوامعُ باسم خير أمين