ملحمة شعرية في الإمام الحسين (ع)
من البحر (الكامل)
ملحمة شعرية في الإمام الحسين (ع)
من البحر (الكامل)
(1الميلاد الشريف :
شعبانُ يزهو بالحسين ِ تطلعاً)
ولِدَ (الحسينُ) فشعشعْ الاضواءا=وارفع الى وجهِ الالهِ ثناءا
هذا ابن فاطمةٍ وبضعةُ أحمدٍ=وسليلُ حيدرةٍ يشعُّ بهاءا
هذا الرجا صنو الزكيِّ المجتبى=تتفرع الاطهارُ منهُ علاءا
هذا الذي ارسى الشهادة للورى=رمزاً وبلغَ جرحُهُ الزهراءا
غرسُ النبيِّ ونسغهُ منْ ريّهِ=غذ ّاهُ منْ إبهامِهِ إستسقاءا
أو راحَ يرشفُ منْ لسانهِ طيبَهُ=فتكمّلتْ فيهِ الصفاتُ صَفاءا
شعبانُ يزهو ب (الحسين ِ) تطلعاً=فتعظمتْ أيّامُهُ خُيلاءا
وتقدّستْ في نصفهِ بشفاعةٍ=منهُ لربّكَ إنْ دعوتَ دعاءا
فتبارك اللهُ الذي منْ جودِهِ=جعلَ النبيَّ وآلهُ شفعاءا
مَنْ قالَ : لا ,قلْ منْ تفانى أنفساً=حملَ الرسالة َللورى بشراءا؟
فالمصطفى المختارُ أكرمُ منْ أتى=منْ خَلق ِربّكَ خلقة ً وذكاءا
طويتْ لهُ أفقُ السّماءِ معرّجاً=وسرى(البراقُ) بهِ الفضاإسراءا
فُتِحتْ بهِ الأمجادُ تطوي أعصراً=والعربُ منهُ تجللوا إعطاءا
مَنْ ذادَ عنتها بالمهندِ قاطعاً=عنقَ الضلال ِ وناصرَالضعفاءا؟
بابُ النبيِّ لعلمِهِ وفداؤهُ=بفراشهِ ,مَنْ باهرَ الفصحاءا؟
مَنْ حلَّ سيماءُ النبيِّ بوجههِ=وإذا تجهّمتِ الوجوهُ أضاءا؟
قبستْ نجومُ الآرض ِحسنَ جمالهِ=ويداهُ أكرمُ إذْ تفي الأفياءا
مَنْ ابنُ بجدتها الأبيُّ شهامة ً=هزَّ الوجودَ وكرّمّ الشّهداءا؟
جعلَ المنايا منية َالأحرار ِ إذ ْ=يتواردون َ ولوجها حُنفاءا
هل يستوي خلقٌ يطيشُ بغيّهِ=جهلاً بمنْ يتقطرونَ نقاءا
منْ جبلةِ التقديس ِ من ملكوتهِ=خُلقوا لها هبطوا لكم رحماءا
فإذا تساءلتِ الملائكُ والملا=هلا حفظتمْ عهدهم كرماءا؟!
أين الخشوعُ لحرمةِ الله التي=سُلِبتْ ولم تعهدْ لها أمناءا!
رحتمْ على سقطِ المتاعِ ِ تهافتاً=تتنازعونَ فريسة ً شوهاءا
من عهدِ آدمَ والنفوسُ ضغائنٌ=يتأجّجونَ عداوة ً شحناءا
الاّ الذي فقهَ الوجودَ بحكمةٍ=أدرى بمنْ قدْ وسوسَ البغضاءا
فاللهُ أنزلَ (قُلْ أعوذُ) هدايةً ً=لو يشعرونَ بما تضمُّ هداءا
مَنْ قاسَ أبليسَ اللعين ِ بآدم ٍ=قدْ حط َّ مِنْ قيم ِالوجودِ وطاءا
ابليسُ محضُ الشرِّ كثّفَ نفسَهُ=ليذوبَ فينا خدعة ً كأداءا
فتشطرَ الإنسانُ: طوعُ بنانهِ=رُشدُ الهدى,أو يكتسي النكراءا
(2 الاستشهاد العظيم :
أدميتَ أفئدة َ الآنام ِبُكاءا)
أدميتَ أفئدة َ الآنام ِ بكاءا=لمّا تقحّمتَ المنونَ فِداءا
أججّتَ جذواتِ النفوس تحرَراً=ونصبتَ فوقَ العالمين لِواءا
يمتدُّ منْ يوم ِالطفوفِ مع البقا=ويشعُّ للجناتِ منهُ سناءا
جاوزتَ همّكَ في الوجودِ تعيشهُ=حرّاً ولو كانَ المماتُ شفاءا
فالغايةُ القصوى لمعرفةِ الفتى=انى يرى لهمَ الحِمام بقاءا
سبحانَ مَنْ رفعّ العقولَ كرامة ً=حتى تجلتْ ديمة ً هطلاءا
إنَّ الحسينَ نسيجُ وحده منهجٌ=للثائرينَ ولنْ يروا ندَدَاءا
نزلتْ بحقٍّ (إنما) لشمائل ٍ=خُصّتْ بهمْ فأسلْ بها الفهماءا(1)
مَنْ ذا يصحُّ الى الولايةِ طاهرٌ=أمْ مَنْ أباحَ (الحرَّةَ َ) استهزاءا(2)
ياسيدي دنيا أردتَ صلاحَها=فسدتْ وعمَّ ضلالها الغلواءا
واذا العبادُ لذلةٍ أعمارهمْ=قدّمتَ عمركَ تخطبُ العلياءا
لهمُ الحياةُ خداعَ زخرفةٍ مضتْ=تغري الجهولَ وتزهِدُ العظماءا
فرسمتَ خطة َ فيصلٍ بينَ الإبا=والضيم ِ ما ألفت لها إلواءا
(3 بوادر الغدر والخذلان:
والدهرُ يعثرُ هديهُ إغفاءا)
شُرِعَ القتالُ بهانىءٍ وبمسلم ٍ=فتبيّنَ الخذلانُ يسري جلاءا
لا (طوعة ٌ) فلحتْ تطوَعُ ابنها=و(شريحُ) هبَّ ل(مذحج ٍ)إطفاءا(3)
طبعُ الظواهر ِ والبواطن ِ غيّرا=مجرى الشعوبِ خساسة ًورياءا
فالقلبُ للخيرِ ِالظليل ِ بفيئهِ=والسيفُ يمضي للقوي مضاءا
هذا هو الداءُ الذي بليتْ بهِ=أممٌ وما وجدتْ إليهِ دواءا
في (الثعلبية) قدْ أصابه مخبرٌ=صُعقَ ابن فاطمةٍ فهزَّ لِواءا(4)
والرّكبُ يسري فوقهُ طيرُ المنى=فالدهرُ يعثرُ هديهُ إغفاءا
والموتُ يزحفُ خلفهمْ متعجّلاً=حتى يصيبَ الأكرمينَ قضاءا
وكأنما الأقدارُ قدْ ربصتْ لهمْ=ليعودّ قابيلٌ يسودُ بغاءا
ف (أبو رزين ٍ) كالصليبِ معلقاً=ول(قيسهِ)(اللخميّ) حط ّ وحَاءا(5)
وتخاذلتْ كلُّ القبائل ِ بعضها=جزعاً وبعضٌ لوّحتْ إبطاءا
ستناصرُ الدينِ الحنيفّ وأهلهُ=لكنْ تمادى غيّهم ْ إجراءا
وبقية ُ النفر ِ المهين ِ برسلِهمْ=غدروا وكانوا بحتفهم لعباءا
(4 يوم عاشوراء الطامة الكبرى:
صوتُ النعيِّ فمُ الزّمان ِ يذيعهُ)
لا أدري أيَّ بليّةٍ حلتْ كما=حلَّ الشّقاقُ بكربلاءِ شقاءا
مَنْ للطغاةِ سوى الامامِ ورهطهِ=فتكفلوا الحقَّ المبينَ كفاءا(6)
يا ساكني وادي البقيع ِبربّكمْ=هلْ تسمعونَ صدى الحسينِ إباءاِ
انا لا أقرُّ لكمْ بذلٍّ دوحتي=شرفُ العُلا تسترفدُ الشّهداءا
إنْ لمْ ترفرفُ راية ٌ لمحمد ٍ=الاّ بقتلي دع ِ السيوفَ مضاءا
عشقَ الدما لا للدماءِ وانما=دفعَ الدماءَ فريضةً ً وعطاءا
شدَّ الأشاوسُ أزرهمْ قيدَ الوفا=طوبى لمنْ حفظ َ الذِمامَ ولاءا
وأولئك البيضُ الذين تهافتوا=جوداً بأرواح ٍ سمتْ لألاءا
فتشابكتْ رأدَالضحى قضبُ الردى=هجّوا دروعهمو القلوبُ فتاءا
كلٌّ يجولُ لحتفهِ مستعذباً=طعمَ المنون ِ لتحتسيهِ حِساءا
ويسيرُ إحساسُ العواطفِ لمحهُ=عبرَ العيون ِ محبة ً ورضاءا
فيثورُ منْ عجِّ الخيول ِ غبارُها=فتجهّمتْ عرصاتها ظلماءا
لمعتْ بوارقُ أوجهٍ علوية ٍ=فتِحَتْ لهمْ بابُ الخلودِ سخاءا
فجِعَ الحسينُ بمنْ يشابهُ جدّهُ=لو يبصرونَ لتوّجوهُ سناءا
بلْ ضاقتِ الدنيا عليهِ كأنما=خُلِقتْ لأشرار ٍ تعجُّ وباءا
عبستْ لهُ وجهاً ووجههُ باسمٌ=بين الردى قدْ صافحَ البُشراءا
وإذا بتصفيق ِ الرماح ِتحيطهُ=ومضتْ سيوفُ الهندِ تبدي حياءا
فاحمرتِ الوجناتُ تقطرُ بالدما=وهوتْ سجوداً إذْ يكنَّ إماءا
لم يجزع ِ الموتَ المهيضَ جناحهُ=بلْ زلزلَ الاكوانَ والاجواءا
صوتُ النعيِّ فمُ الزمان ِ يذيعهُ=وعلى جبينهِ غمّة ٌ تتراءى
حتى تلاقفتِ العصورُ حِمامهُ=وتهافتتْ أجيالها استفتاءا
وتحيّرت تلكَ الخلائقُ دهشة ً=أتقيمُ عرساً أمْ تقيمُ عزاءا؟!
(5 ماذا بعد ؟! :
هو والمسيحُ يشهدان ِ سواءا)
رفعَ العزاءَ لربّهِ متظلماً=إذ ْ لمْ يجدْ فيهمْ يداً بيضاءا
تبّاً لمنْ باعَ النبيَّ وآلهُ=بعصارةِ الآثام ِ ضلوا شراءا
سحقاً لأصحابِ السعير غواية ً=بخسوا ببضع ِسنينهمْ آلآءا
لو أدركوا أسرارَها بعقولهمْ=لاستغفروا الدنيا صباحِ مساءا
لا الأرضُ تبقى سرمداً وبأهلها=تفنى كسكان ِالسماءِ فناءا
هذا هو الإنسانُ يألفُ جنسهُ=ويصبُّ ويلاتٍ عليهِ مراءا
هذي هي الدنيا متاعُ خطيئةٍ=تعطي لذاذتَها وتقضي جزاءا!
زمنٌ يسودُ(الشمرُ) فيهِ مشمّراً=قُبحَ الفعال ِوردّة ً فحشاءا
أو ذاك (حرملة ُ)اللعينُ بخسّةٍ=يسقي الرضيعَ على الفطامِ فناءا
أو(بجدلُ) المشؤومُ ينزعُ خاتماً=بالخزِّ يقطعُ أصبعاً معطاءا(7)
منْ قبلُ مدَّ أبوهُ أصبعهُ لمنْ=قدْ جاءَ يسألُ خاتماً إعطاءا
قتلوهُ , بلْ قتلواالشريعة َوالرجا=فتقطبتْ عينُ الحياةِ براءا
لا أدري كيفَ تداسُ أقدسُ فلذةٍ=ويعفرُ الوجهُ الكريمُ عفاءا
لكنْ أبى الاّ المعالي موقعاً=فسما ولو فوقَ الرماحِوضاءا
يا ربُّ أينَ رجالهمْ عددَ الحصى=أجعلتَ كلَّ قلوبهم أعماءا؟!
كي يستحي زمنٌ يرضرضُ صدرهم=لوذرة ًعرفَ اللئامُ حياءا
منْ ذا يصوغُ دمَ الرجال ِوحسّهمْ=فاللفظ ُ يعجزُأنْ يصيرَأداءا
ليسَ(الحسينُ)الرمزُ قد خُصت بهِ=شيعٌ ولكنْ يستطيلُ فضاءا
أضحى كنبراس ٍيضيءُ لمنْ هفا=يستنشقُ الحريةَ الحمراءا
أضحى لكلِّ العالمينَ هدايةً=هو والمسيحُ يشهدّان ِ سواءا
راحَ اسمهُ طولَ الحياةِ وعرضها=إذ ْ يهتفونَ بهِ الجهادَ نداءا
منْ مغربِ الدنيا الى إشراقها=رفعوا شعارهُ ثورة ً غرّاءا
قدّ عمَّ نورهُ للبريةِ كلها=مادامَ تصرعنا(الأنا)استقواءا
صبراً جميلاً منذ ُعهدكَ لم نذقْ=غيرَ البلا حتى نغصَّ غثاءا
راحتْ بناتُ الدهر ِتطرقُ أمّة ً=فجعتْ تصدُّ مصائباً دهياءا
هل علمَ التاريخُ أبناء الدُّ نى=أمْ ضيّعَ الاباءَ والابناءا
هذا هو اللغزُ الذي نبكي بهِ=رزءَ الحسينِ ونصنعُ الارزاءا!
(6 وأخيراً :
أعرفتَ ما معنى الحسين ِ رثاءا ؟)
أعرفت ما معنى الحسين ِ رثاءا=أم أنتَ تحسبهُ الثوابَ بكاءا
وتردّدُ النبأَ الحزينَ بخاطر ٍ=ساهٍ لترفعَ للإلهِ عزاءا
إنَّ الحسينَ لقدْ تطاولَ أفقهُ=ليرى لهُ فوقَ السماءِ سماءا
فأقمْ شعائرهُ بنفس ِ مجاهدٍ=يأبى الخنوعَ ويقحمُ الهيجاءا
واقصدْ بوجهكَ للكريم ِ ترفعاً=هلْ يُرتجى غيرُ الكريم ِرجاءا!
لا تبدِ عطفكَ للزمانِ ِ تودّداً=فإذا تناءى عنكَ عنهُ تناءى
وآعززْبنفسكَ وآسحقِ النكباتِ إذ ْ=تطغي عليكَ وشدّدِ البأساءا
كمْ ذا تقارعُها وتلوي عنقها=وتمجَ ُ همّازاً بها مشَاءا
لا تعطِ إعطاءَ الذليل ِيداً ولا=كالعبدِ قرَّ بعشرةٍ إمضاءا
نحنُ بنو الشرفِ الرفيع ِبناتهُ=إرثاً وأرسوا مجدَهُ أكفاءا
يا أيّها الشعراءُ منْ لمْ يلتمسْ=نورَ الحسين ِ بطولة ً وفداءا
بخسَ الشهادة َحقها وجهادَها=ورأى الحقيقة َفي الورى عوراءا
تبكي على عينِ العدالةِ إذ عمتْ=وتوّدَ لو كانتْ كذي عمياءا
وإذا نظمتُ العِقدَ ملحمة ً فهلْ=أدّيتُ دَيني ذمّة ً ووفاءا
قلْ ذاكَ مطلعُها وهذا ختمُها=فأحكمْ بعقلكَ قدْ ختمتُ أداءا !
Testing
(1) (إنّما) : إستعارة عن الأية الكريمة " إنّما يريدُ اللهُ ليذهبَ عنكم الرجسَ أهل البيتِ ويطهركمْ تطهيرا "
(2) واقعة (الحرّة) : الحرّة موقع قرب المدينة المنورة , وعندها انتصر مسلم بن عقبة على أهل المدينة , وأباحها ثلاثة أيام سنة 63 هجرية .
(3) (طوعة): هي المرأة التي لجأ إليها مسلم بن عقيل , ولكن ابنها أخبر عبيد الله بن زياد بالأمر . و(شريح) هو شريح بن القاضي الشهير الذي أطفأ َ ثورة قبيلة (مذحج) التي ينتمي إليها
هانىء بن عروة .
(4) (الثعلبية): مكان قرب الكوفة وصل فيه للإمام الحسين ع خبر مصرع مسلم وهانىء .
(5)(أبو رزين) : مولى الإمام الحسين ع ورسوله الى البصرة , صُلِب بعد رجوعه , و (قيس) هو قيس بن مسهر الصيداوي رسول الامام ع الى زعماء الكوفة , ضُرب عنقه , وذبحه بعد ذلك عبد الملك اللخمي .
(6) (كفاءا) :أي كفريضة كفاية , وهو اصطلاح فقهي معروف.
(7) (بجدل) :هو بجدل بن سليم الكلبي الذي قطع أصبع الإمام الحسين ع لإنتزاع الخاتم منه وسلبه .