الفقرة الثالثة - فاطم من بعد فاطم
حليلة حيدر
الفقرة الثالثة
أي قلبٍ أي عين=ما بكت أم البنين
و كفاها رفعةً=أنها أم الحسين
فاطمٌ مِن بعد فاطم=كبدٌ و انكسرَ
أي دمعِ ما تجارى=للذي فيها جرى
هي صومٌ و صلاة=و هي نكران الذوات
أخذت من ضلعها=نفحاتٍ و صفات
هي طهرٌ هي سترٌ=هي صبرٌ و ثبات
كم إليها للجلال=و المعالي و ثبات
هذه تطوي المآسي=كل ليلٍ و ضحى
تلك دارت بالرزايا=مع دورات الرحى
أكملا ما أكملا=و بسعيٍ و صلاة
هذه من هذه=في المعاني و العلا
من ذواتٍ طاهراتٍ=عالياتٍ شامخات
عالماتٍ عاملاتٍ=ناكراتٍ للذوات
كلما أناروا للأنام درباً=زادهم سناهم نور
كلما استماتوا في الثبات سمتاً=أصبحوا إلينا سور
كلما تحلت بالعفاف هذي=عاد ضلعها مكسور
يأسر البرايا نورها و هماً=طير قلبها مأسور
تكتم ماسود بها بين جروحها
تغسل بالدمع الأسى تحت قروحها
تنكر حزنها على فلذة روحها
و هي التي الفتح سرى خلف فتوحها
تجرع الحزن كتمً كتما=تبلع البلوى سهماً سهما
للمعالي لا تبالي
و على الهم تبني الهما
خذ وقوفها في شرفات طيبة=في إنتظار ركبٍ آت
ترسل الشظايا من جفونها لا=جزعاً على ما فات
إنما حنيناً لأبي اليتامى=للذي سما بالذات
و هي في سؤالٍ و نداء بشرٍ=قمر العشيرة مات
صاحت و دمع عينها تغطي الوجنتين
يا آه ما سألتكم إلا عن الحسين
قالو حسينٌ قد قضى بقرب الرافدين
و قلبه من الضمى يفت الأخشبين
فقد عباسٍ قد أفناها=أنكرت منه ما أغناها
تنكر الذات في الملمات
يالها أمٌ ما أعلاها
بين حشاها و الحنايا=عذابٌ عذابُ
لكنها صبرٌ و كتمٌ=و دمعٌ عبابُ
كانت كتابٌ ليس يقرا=فنعم الكتابُ
عنوانه يخفي البرايا=إذا فيه ذابُ
ريحانةٌ من عليِ=فاحت بأحلى شذا
ما هكذا قد عهدنا=الثبات ما هكذا
قلبٌ تضاء لعله=أن يحتويه الأذى
إن كان للناس قلبٌ=من الحديد كذا
جبارة العزم و منها=معاني العزيمة
تسمو على الجرح بصبرٍ=و روحٍ عظيمة
كم أنكرت فيها جراحً=همومً قديمة
طودٌ و في المخ تراها=نجاوى رحيمة
من روحها للبرايا=ماء الحياة سرى
و نورها و حياها=من الأذى أكبرا
و العمر مهما تطامى=من الأسى أبحرا
إجتازت الملح درباً=للجنة أخضرا