قم ناشد الأسلام
ديوان السيد حيدر الحلي
قم ناشد الأسلام عن مصابه=أصيب بالنبي أم كتابه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرى=بالروح محمولا على ركابه
بلى قضى نفسُ النبيّ المرتضى=وأجدرج الليلة في أثوابه
مضى على اهتضامه بغضة=غص بها الدهر مدى أحقابه
عاش غريباً بينها وقد قضى=بسيف أشقاها على اعترابه
لقد أراقوا ليلة القدر دماً=دماؤها انصببن بانصبابه
تنزل الروح فوافى روحه=صاعدة شوقاً إلى ثوابه
فضج والاملاك فيها ضجة=منها اقشعر الكون في إهابه
وانقلب السلامُ للفجر بها=للحشر إعوالاً على مُصابه
الله نفس أحمد من قد غدا=من نفص كل مؤمن "أولى به"
غدره ابن ملجم ووجهه=مُخضَّبٌ بالدم في محرابه
وجه لوجه الله كم عفرت=في مسجد كان "أبا ترابه"
فاغبر وجه الدين لا صفراره=وخُضّب الإيمانُ لاختضابه
ويزعمُون حيثُ طلّوا دمهُ=في صومهم قد زيد في ثوابه
والصوم يدعو كل عام صارخاً=قد نضحوا دَمي على ثيابه
إطاعة ٌ قتلُهم مَن لم يكن=تُقبلُ طاعاتُ الورى إلاّ به
قتلتُم الصلاة في محرابها=ياقاتليه وهو في محرابه
وشق رأس العدل سيف جوركم=مذشق منه الرأس في ذبابه
فليبك "جبريل" له ولينتحب=في الملأ الأعلى على مصابه
نعم بكى والعيثُ من بُكائه=ينحب والرعد من انتحابه
منتدباً في صرخة ٍ وإنّما=يستصرخُ «المهديّ» في انتدابه
ياأيها المجوب عن شيعته=وكاشف الغُمّى على احتجابه
كم تغمد السيف لقد تقطّعت=رقابُ أهلِ الحق في ارتقابه
فانهض لها فليس إلاك لها=قد سئم الصابرُ جرع صابه
واطلب اباك المرتضى ممن=غدا مُنقلباً عنهُ على أَعقابه
وقل ولكن بلسان مرهف=واجعل دماء القوم في جوابه:
يا عصبة الالحاد أين من قضى=مُحتسباً وكنتِ في احتسابه
أين أميرُ المؤمنين أوما=عن قتله اكتفيت في اغتصابِه
لله كم جُرعة غيظٍ ساغها=بعد نبيّ الله من أَصحابه
وهي على العالم لو توزعت=أشرقت العالم في شرابه
فانع إلى أحمد ثقل أحمد=وقُل له يا خير مَن يُدعى به
إنَّ الأُلى على النفاقِ مَرَدوا=قد كشفوا بَعدك عن نِقابِه
وصيروا سرح الهدى فريسة=للغيِّ بين الطلسِ من ذِيابه
وغادروا حقَّ أخيك مُضغة ً=يلوكها الباطلُ في أنيابِه
وظلَّ راعي إفكهم يحلبُ مِن=ضرع لبون الجور في وطابه
فالأمة اليوم غدت في مجهل=مذ قتلوا الهادي الذي تهدى به
لم يتشعَّب في قريشِ نسبٌ=إلاّ غَدا في المحضِ مِن لُبابه
حتى أتيت فأتى في حسب=قد دخل التنزيل في حسابه
فيالها غلطة دهر بعدها=لا يَحمدُ الدهر على صوابِه
مشى إلى خُلفِ بها فأَصبحت=أَرؤُسهُ تتبع من أَذنابِه
وما كفاه أن أرانا ضلة=وِهادُه تعلو على هِضابه
حتى أرانا ذئبَه مُفترساً=بين الشبول ليثه في غابه
هذا أمسر المؤمنين بعدما=ألجأهم للدين في ضِرابه
وقادَ من عُتاتِهم مَصاعباً=ما أسمَحت لولا شبا قِرضابِه
قد أَلفَ الهيجاءَ حتى ليلها=غرابه يأنس في عقابه
يمشي إليها وهوَ في ذِهابِه=أشد شوقاً منه في غيابه
كالشبل في وثبته والسيف=في هبته والصل في انسيابه
أرداهُ من لو لَحظته عينُه=في مأزق لفر من إرهابه
ومر من بين الجوع هارباً=يود أن يخرج من إهابه
وهوَ لعمري لو يشاءُ لَم يَنل=ما نال أشق القوم في آرابه
لكن غدا مُسلِّماً مُحتسِباً و=الخير كل الخير في احتسابه
صلّى عليه الله من مضطهدٍ قد=أغضبوا الرحمن في اغتصابِه