في رثاء سبايا الإمام الحسين (ع)
الحاج هاشم حردان الكعبي
عَشِيَّةَ أَمسَى الدِّينُ دِينُ أُمَيَّةٍ=وَأمسى يَزيدٌ لِلبَرِيَّةِ مَرجِعَا
يقول بلا فَصلٍ ويَفتِي بلا هدىً=ويحكمُ لا عدلٌ ولا رأي أَمْنَعَا
وهَل خَبرٌ فِيمَا تروم أميّة=بأن العُلا لَم تلف للضيم مَوضِعَا
أمَا عَلِمَتْ أنَّ المَعَالي زعيمُها=حسينٌ إِذا مَا عَنَّ ضَيم فَأُفزِعَا
رأى الدِّين مقلوباً فَمَدَّ لنصرِهِ=يمينُ نَدىً من عرصةِ الدَّهر أَوْسَعَا
فأوغلَ يَطوي البيدَ ليسَ بشاغلٍ=على ما بِهِ من كفِّ عَلياهُ إصبعَا
يَكُرُّ فتلقى الخيلُ حين يروعُها=أضَامِيمَ سَربٍ خَلفها الصَّقرُ زُعْزِعَا
يُصَرِّفُ آحادَ الكتيبةِ رأيُهُ=فلا يلتقي إلا الكُميِّ المُقَنَّعَا
عَصَت أمرُه لَمَّا دَعَاها إلى الهُدى=وجائت لأمر السَّيفِ تنقاد طَيِّعَا
ولما رَمَتْ كَفُّ المقاديرِ رَميَهَا=وَحَان لشملِ الدِّين أن يَتَصَدَّعَا
فَخَرَّ فلا تدري المقادير أيُّها=أُصيبَ فأخطَت حينَ أُردِي الصُّمَيدَعَا
وَأقبل شمرٌ يلعنُ العُجب إذ رَقى=على الصَّدرِ إذ أمسى له الحتفُ مضجَعَا
وراحَ بِعَالِي الرُّمح يَزهو كريمةً=كَبَدرِ الدُّجى إذ تَمَّ عشراً وأربَعَا
وعَاثَتْ خيولُ الظالمينَ فأبرزت=كرائمُ أَعلَى أَنْ تُهَانَ وَأرفَعَا
فواطمُ من آلِ النبيِّ حرائرٌ=يُطافُ بها حَسرى على البزلِ جُوَّعَا
ثواكلُ لم يُبْقِ الزَّمانُ لها حِمَى=يكون ولم يَترك لها الدثرُ مفزَعَا
سوافرُ أعياهَا التبَرقُعُ والحَيا=ينازعُها مَعَ سَلبِهَا أن تُبَرقعَا
دعاها إلى معنى التبرقع صَونُها=وأعوَزَهَا الأعداءُ أن تَتَبرقَعَا
فراحت وَيُسرَاها قِناعٌ لرأسها=وللوجه يُمنَاها مع اللَّطمِ برقعَا
عفائفُ أفراطَ الصِّيَانةِ طبعُها=إذا غيرُها نَالَ العفاف تَطَبُّعَا
تكادُ إذا أَسبَلَتْ عبراتُها=تُعيد الثَّرى من وابلِ الدَّمعِ مربعَا
نوائحُ من فوقِ الحمَامِ كأنَّها=حمَامٌ نَأَى عنهُ الخليطُ مُرَجِّعَا