عبست وجوه القوم
السيد جعفر الحلي
عَبَسَت وُجوهُ القَومِ خَوفَ المَوتِ وال=عبّاسُ فيهم ضاحِكٌ مُتَبَسِّمُ
قَلَبَ اليَمينَ على الشِّمالِ وغاصَ في ال=اوساطِ يَحصُدُ للرؤوسِ ويَحطِمُ
وثنى أبو الفضل الفوارس نكصا = فرأوا أشد ثباتهم أن يهزموا
ما كر ذو بأس له متقدما = إلا وفر ورأسه المتقدم
صبغ الخيول برمحها حتى غدا = سيان أشقر لونها والأدهم
ما شد غضبانا على ملومة = إلا وحل بها البلاء المبرم
بَطَلٌ تورَّثَ مِن أبيه شَجاعَةً=فيها انُوفُ بني الظَّلالَةِ تُرغَمُ
يلقي السلاح بشدة من بأسه = فالبيض تثلم والرماح تحطم
عَرَفَ المواعظَ لا تُفيد بمَعشَرٍ=صموا عَنِ النَّبأ العظيم كما عَموا
فانصاعَ يخطب بالجَماجم والكُلا=فالسَّيفُ ينثرُ والمُثقَّفُ يَنظِمُ
أو تشتكي العطش الفواطم عنده = وبصدر صعدته الفرات المفعم
لوسدُّ ذِي القَرنينِ دونَ ورُوُدِهِ=نسفتهُ هِمَّته بما هو أعظَمُ
ولو استقى نهر المجرة لارتقى = وطويل ذابلها إليها سلم
حامي الضَّعينةِ أينَ مِنهُ رَبيعةٌ=أم أينَ مِن عَلياً أبيه مُكدَّمُ
في كفه اليسرى السقاء يقله = وبكفه اليمنى الحسام المخدم
مثل السحابة للفواطم صوبه = ويصيب حاصبة العدو فيرجم
بَطَلٌ إذا رَكِبَ المُطَّهَمَ خِلتَهُ=جَبَلاً أشَمَّ يَخِفُّ فيه مُطهَّمُ
قسماً بصارِمِهِ الصَّقيل وإنّني=في غير صاعقةِ السَّما لا اقسِمُ
لولا القَضا لَمَحى الوجودَ بِسَيفهِ=واللهُ يقضي ما يشاءُ ويَحكُمُ
فهوى بجنب العلقمي وليته=للشاربين به يداف العلقم
فمشى لمصرعه الحسين وطرفه=بين الخيام وبينه متقسم
قد رام يلثمه فلم يرى موضعاً=لم يدمه عظ السلاح فيلثم
نادى وقد ملأ البوادي صيحةٌ=صم الصخور لهولها تتألم
أأخي يهنيك النعيم ولم اخل=ترضى بأن ارزى وأنت منعم
أأخي من يحمي بنات محمد=انصرن يسترحمن من لا يرحم