حسبك هذا مجملا من مديحه
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
أأصرع آساد الورى بنزالي=و يصرعُني في السِّلم قدُّ غزالِ
و أُردى بسهمِ اللحظِ من قوس حاجبٍ=و رُمحٍ قوامٍ للمنونِ مُشالِ
كأنْ لم في صدرِ درعي تكسرت=نِصالُ رماحٍ ذُبلٍ و نِبالِ
برغمِ القنا و المشرفيَّةِ مصرعي=بِسِحرِ الظِّبا صبراً بغيرِ قِتالِ
فَقُل لِلظُّبا تُغضي الجفونَ و للقنا=تقصِدنَ لا تخطِرنَ يومَ نِزالِ
أأقهرُ خصمي عِزةً و يقودُني=ذليلاً ذليلاً تائهاً بدلالِ
و أنحَطُّ عن أوجِ اقتِداري لعاجزٍ=على أنهُ ذو رونقٍ و جَمَالِ
فيا مَلِكَ الحُسنِ ارتقيتَ ذُرى العُلا=و نِلتَ مِن العالينَ أيَّ مَنَالِ
فكم قد غدا مِنهُ الحكيمُ الرّشيدُ في=غِشاوةِ جَهلٍ مُوبِقٍ و ضَلَالِ
تحصَّنتُ من سُلطانهِ و هوانِهِ=بآلِ رسُولِ اللهِ أكرَم آلِ
مفاتيحُ أقفالِ الوُجُودِ مطالِعُ=السُّعودِ بِحارُ الجَودِ يومَ نَوَالِ
مشارِقُ شمسِ المجدِ أبراجُ سعدِهِ=مُحيطُ المعالي قُطبُ كُلِّ جلالِ
مصابيحُ مِشكاةِ الهُدى فَمَنِ اقتدى=بِهِم فازَ في العُقبى بِحُسنِ مَآلِ
جواهِرُ قُدسٍ ليس يُدرَكُ كُنْهُهُمْ=و لَم يُدركوا إلا بمَحضِ مِثالِ
وسايطُ ما بينَ الإلهِ و خلقهِ=لتعريفِ أحكامٍ و كسبِ معالِ
لهُم فَرَضَ اللهُ الولاءُ على الورى=و ليسَ عليهمْ في البريةِ والِ
فطوبى لِمَن أمسى لهُم مُتَوَالياً=و سُحقاً لِمَن ليسُوا لهُم بِمَوَالي
مقاديمُ شَرطِيَّاتِ كُلِّ فَضِيلَةٍ=و أسوارُ حملِيَّاتِ كُلِّ كَمَالِ
مباذيلُ للمعروفِ غير مُكَدَّرٍ=بِمَنٍّ ولا مُستَجلَبٍ بسُؤالِ
ميامينُ مَعصومونَ عن كُل وصمَةٍ=و سهوٍ و نِسيانٍ و هفوَةِ بَالِ
خَمِيصُونَ صوَّامُونَ أكثَرَ دَهرِهِم=مُنيبُونَ قوَّامُونَ جُنحَ لَيَالِ
ضحُوكونَ بكَّاؤون في الحربِ و الدُّعا=ثِقالٌ بِهَا في السِّلمِ غيرُ ثِقَالِ
و لا سيَّمَا سيفُ الإلهِ و جَنبِهِ=مَنَارُ الهُدى كَشَّافُ كُلِّ ضَلالِ
مُصَدِّعُ أطوَادِ الفَسَادِ بِعَزمَةٍ=لَوِ الشُّمٌّ لاقَت آذَنَت بِزوالِ
مُرَوَّي غِرارَ السَّيفِ من مُهَجِ العِدا=مُقَوِّي عُرى الإسلامِ بعدَ خَبَالِ
فَكَم خَرَّ كِسفٌ من صواعِقِ سيفِهِ=و صَبَّ على الكُفَّارِ صوبَ وَبَالِ
و كَم قَدَّ من ليثٍ هِزَبرٍ سُمَيْدَعِ=مُغالينَ في الطُّغيانِ أيَّ تَعَالِ
فلولاهُ كانَ الدينُ أعلى مَنَارُهُ=كلَمعِ سرابٍ أو كَطَيفِ خَيَالِ
و لولاهُ كانَ الدينُ عندَ خُصُومِهِ=كَحَلِّ عِقالٍ أو كشُربةِ زُلالِ
تَجَمَّعَ فيهِ ما تَفَرَّقَ في الوَرَى=جميعاً سِوَاهُ مِن جَميلِ خِصَالِ
وَ فَاقَ عليهِم ما عَدَا المُصطفى الَّذِي=رَقَى الحُجْبَ حَتَّى دَاسَهَا بِنِعَالِ
وَمَعْ ذا فإنَّ المُرتضى داسَ حازَهَا=فأيُّ عُلُوٍّ بعدَ ذاكَ لِعَالِ
فَحَسبُكَ هذا مُجمَلاً مِن مَديحِهِ=فَتَفصِيلُهُ ذِكراً أشَدُّ مُحَالِ
و دُونَكُمُ آلُ النَّبيًّ هَدِيَّةً=مُحَقَّرَةً جَاءَتْ بِنِسبةِ حالي
مُحيطُ مقالي دُونَ مَركَزِ نعتِكُمْ=و أوجُ الثُّريَّا مركزٌ لِمَقَالي
أعَدَّكُمُ مولاكُمُ حَسَنٌ غَدَاً=لِمَحوِ ذُنُوبٍ كالجِبالِ ثِقالِ
ثَبَتُّ بأعلى عرشِ مَحضِ ولائِكُمْ=و حَسبي بِهِ أمنَاً بِيَومِ مَآلِي
فأيَّتُها النَّارُ افتري أو تَسَعَّري=فإنِّي بِآلِ المُصطفى مُتَوَالِ
صَلاةَ إلهِ العَرشِ تَغشَاهُمُ مَتَى=مَحَى ظُلُماتِ الليلِ بَدرُ كَمَالِ