ادعه تنج و لو كنت بنار الحريق
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
أرَقتُ مِن تذكارِ ثغرٍ وَرِيقْ=و ضمّ قدٍّ كقضيبٍ وَريقْ
فَبِتُّ أهوي في مهاوي الهوى=هَويَ مَن اُلقيَ في مَنجَنيقْ
ففاتني الحُلمُ و طارت بهِ=جوارحُ الشوقِ بوادٍ سحيقْ
فلا جِجَىً يمنعُ حُكمَ الجوى=المُعرِضِ القلبَ لمَا لا يُطيقْ
و لا الجوى يخبُو بِنَيل المُنى=مِن وصلِ جيرانِ الغَضا و العقيقْ
حنان لي يا جيرةَ المُنحنى=فما خليلٌ بجفائي خليقْ
حَتَّامَ هذا الصَّدُّ عن عبدِكُم=لا ينقضي و الصَّدُّ عيبُ الصًّديقْ
رِقَّوا لِرقِّ أرقٍ لَيلُهُ=يفيضُ جفناهُ بدمعٍ رقيقْ
الله لي من سَكَرَاتِ الهوَى=ما آنَ للسَّكرانِ أن يَستفيقْ
أحسبُ مِن فَرطِ الجوَى أنَّ مَن=أهوى و إن طالَ النَّوى لي رَفيقْ
و أنَّ جُنحَ اللَّيلُ فَرعٌ لَهُ=و الفَرعُ يَمتَازُ بِفَرقٍ دَقيقْ
حتَّى إذا مِلتُ لِتقبيلهِ=ظَلَلتُ مُلقىً و فؤادي صعيقْ
أدعُو أسىً لو أنَّ لي قوَّةً=بالصَّبرِ أو آوي لِرُكنٍ وَثيقْ
فَرَاجَعَ الرُّشدُ و قالَ النَّجا=إن شِئتَ أن تخلُصَ مِن كُلَّ ضِيقْ
فادعُ عليَّ بنَ أبي طالِبٍ=تنجُ و لو كُنتَ بِنارِ الحريقْ
الكاشِفِ الكَربَ عنِ المُصطفى=و البَاذِلِ النَّفسَ لهُ في المَضيقْ
و الصَّاحِبِ الضَّارِبِ عِندَ الوَغَى=بِسَيفِهِ لا صاحِباً في طَريقْ
كم وَقعَةٍ ثَابَتَهَا مُعرَضٌ=للقتلِ و الهارِبِ مَنها عَتيقْ
أغرَقَ في طُوفانِها فِرقةً=تكفُرُ باللهِ و أنجَى فَريقْ
الأوَّلُ الأخرُ و الظَّاهِرُ البَاطِنُ=الهادي سَوَاءَ الطَّريقْ
فالأوَّلُ السَّابقُ إيمانُهُ=و مالَهْ في سَبقِهِ من رَفيقْ
و الآخرُ العَهدَ بخَيرِ الوَرى=لِكَونِهِ الصِّدِّيقُ و الجَاثَلِيقْ
و الباطِنُ النَّافِذُ عِرفانُهُ=في كُلِّ ذي سِرٍّ و معنىً دَقيقْ
ما في الورى إلا نبيّ الهُدى=لهُ شبيهٌ في الكمالِ الأنيقْ
زوجُهُ الزهراء و لو لَم يَكُن=لم يَكُ في الدُّنيا لها مَن يَليقْ
يَمينُهُ في الحربِ نارُ اللَّظى=لكِنها في السِّلمِ بحرٌ عميقْ
أعتَقَ للهِ بِلا مِنَّةٍ=مِن كَدِّهِ ألفَ غُلامٍ رقيقْ
و طَلَّقَ الدُّنيا ثلاثاً وَ قَدْ=جاءَت لهُ تسعى بوجهٍ طَليقْ
و ردَّ قُرصَ الشَّمسِ من بعدِ ما=غابَ و صلَّى العصرَ مِن غيرِ ضِيقْ
مَن رامَ أن يحضُرَ مِن فضلِهِ=جِزءاً فقد هَمَّ بِما لا يُطيقْ
إليكَ يا مَن عُجِنَتْ طينَتي=بحُبِهِ عقدَ نِظامٍ أنيقْ
أحسَنَ فيكُم حَسَنٌ ظنَّهُ=أن ترفَعوهُ في عَلِيَّ الرَّفيقْ
كَذَا أُصُولي وَ فُرُوعي وَ مَنْ=نالَ وُلاكُم باعتِقادٍ وَثيقْ
و سلَّمَ الباري وَ صلَّى على=أرواحِكُم ما فاحَ مِسكٌ فَتيقْ
أو ناحَ طَيرٌ في ذُرى أيكَةٍ=أو رَقَّ مَعشوقٌ لِرِقِّ عَشيقْ