يطفن ولا يشعرن بالطّوفان
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
رمَيتُ زماني بالقلا و رمانيْ=و نافيتُهُ في طبعِهِ فنفانيْ
فأصبحتُ في شأنٍ يخالفُ شأنَهُ=و أصبحَ في شأنٍ يخالفُ شانيْ
فإنِّي مُحِبٌّ للنبيِّ و آلهِ=و دهري لهم مُبدي العداوَةِ شانيْ
أخافَهُمُ في كلِّ فّجٍّ فأصبَحوا=أمانَهُمُ بينَ الأنامِ أمانيْ
أعانَ عليهم كُلَّ رِجسٍ مُضَلَّلٍ=فيا شَرَّ مِعوَانٍ و شرَّ مُعانِ
و لا كَلِثَامٍ من نِتَاجِ أُمَيَّةٍ=غشاهُم جديدُ اللَّعنِ كلَّ أوانِ
هُمُ منبَعُ الآثامِ و الفِتَنِ الَّتي=تَقَضَّت و ما في قَبضَةِ الحَدَثَانِ
أعَامِلَهُ بالرأي ناصبةٌ لنا=بلا سَبَبٍ حرباً بكلِّ مَكَانِ
تعالوا أُباحِثُكُم فإن تَكُ حُجَّةٌ=لديَّ عليكُم فاترُكُونِ لِشانيْ
ألِلرَّأيِ في عَقدِ الخِلافَةِ مَدخَلٌ=و ذاكَ مقامٌ ليسَ بالمُتَدَانيْ
مقامُ أمينٍ حافِظِ الشَّرعِ ناظِرٍ=شهيدٍ على ما يَعمَلِ الثَّقَلانِ
أيُدرِكُ هذا الشأنَ مَن كانَ عاكِفاً=على هُبَلٍ دَهرَاً بِغَيرِ تَوَانِ
و كم لَهُمُ من بِدعَةٍ و ضَلالَةٍ=تَطَاوَلنَ مِن إحصائِهَا بِبَيَانِ
و أمَّا جَليُّ النَّصِّ من أحمَدٍ على=عَلِيٍّ فَفي الأكوانِ ذو دَوَرَانِ
و إن تُنكِروا نَصَّ الغَديرِ فعِندَكُم=صَحيحَانِ بالتَّنصيصِ مُعتَرِفانِ
عَذيريَ مِنْ (...) أنَّهُ=رمى مَركزَ الإسلامِ بالرَّجَفَانِ
غداةَ غدا سُلطانُ أُمَّةِ أحمَدٍ=يداهُ مِنَ السُّلطانِ خاليَتَانِ
و أُخرِجَ مَقهوراً مُهاناً مُلَبَّباً=و مِنْ خَلفِهِ الزَّهراءُ و الحَسَنَانِ
خُذُوا جانِبَاً عن غابَةِ اللَّيثِ يا ظِبَاً=فَمَا حَيدَرٌ في مَوقِفٍ بِجَبَانِ
فَوَاللهِ لولا العَهدُ عَفَّت رُسُومُهُمْ=حُدُودُ ضِباً مَعلومَةُ اللَّمَعَانِ
و لا كانَ راعٍ مِنهُمُ يَومَ سَوقَةٍ=رُعاعٍ ولا راعٍ لِسَربَةِ ضَانِ
و لا عَضَّةٍ بالشامِ مِن نَابِ نَابِحٍ=مُعاوٍ و لا طَعنٍ بِنَصلِ سِنَانِ
و لا طَلَعَ الرِّجسُ المُراديُّ شامِخَاً=تَطَاوَلَ عن أوَجَاتِ شُمّ رَعانِ
هفا رَوعُهُ مِن رَوعَةٍ في ظُلُوعِهِ=فأمسَكَهُ مِن شِدَّةِ الخَفَقَانِ
تَقَهقَرَ عَنهُ كُلُّ لَيثٍ غَضَنفَرٍ=و سَهَّلَهُ المَقدورُ عِندَ جَبَانِ
لَقَدْ حاوَلَ المَلعونُ غِيلَةَ حَيدَرٍ=مُعِدَّاً لها الأسبَابَ مُنذُ زَمَانِ
حُساماً شَحيذاً أتْغَمَ السُّمُّ قلبَهُ=يُرَى المَوتُ في حَدّيهِ رأي عِيَانِ
تَصَدَّى لَهُ المَلعونُ في غَسَقِ الدُّجى=مُقيمَ صَلاةِ الصُّبحِ بَعدَ أذانِ
غَريقُ جَلالِ اللهِ لم يَلتَفِت إلى=سِواهُ وَجَفنَاهُ معاً يَكِفانِ
فَبَدَّرَهُ بالسَّيفِ من فَوقِ رأسِهِ=فَخَرَّ صريعاً مُطمَئِنَّ جَنَانِ
رَضي بقَضَاءِ اللهِ يُعلِنُ شُكرَهُ=و ما هُوْ لِلبَلوَى العَظِيمَةِ شَانِ
بِنَفْسِيْ قَتيلاً من حُسَامِ ابنِ مُلجِمٍ=شَهيدَاً بِتِسعِ العَشْرِ مِن رَمَضَانِ
بِنَفْسِيْ مَضروباً على أُمِّ رأسِهِ=بأبيَضَ ماضي الشَّفرَتَينِ يَمَانِيْ
بِنَفْسِيْ مَحمولاً إلى البَيتِ لَم تُطِقْ=مِنَ الضَّعفِ أن تَسعَى بِهِ القَدَمَانِ
كَسَى جِسمَهُ نَزفُ الدِّماءِ و ما سَرَى=مِنَ السُّمِّ فيهِ لَونُ ذي بَرَقَانِ
فأصبَحَ مَطروحَ السِّياقِ مُمَرَّضاً=و أحشاؤهُ لِلمَوتِ في خَفَقَانِ
و نِسوَتُهُ ثَكلى حَوَالَيهِ ذَهَّلٌ=يَطُفنَ و لا يَشعُرنَ بالطَّوَفَانِ
و زَينَبُ ذاتُ الصَّونِ ظَاهِرَةُ الجَوَى=لَهَا كَبِدٌ لِلحُزنِ في غَلَيَانِ
تَقُولُ أبي رُوحِيْ فِدَاؤُكَ رَاعَني=حِمَامُكَ يا لَيتَ الحِمَامَ عَرَانيْ
قُمِ اللَّيلِ و اقنُتْ بالدُّعَا و اكبُتِ العِدَا=وَبُلَّ الصَّدَى مِن مُهجَتي وَ جِنَانِيْ
فَدَأبُكَ إحيَاءُ اللَّيَاليْ تَعَبُّدَاً=بِأحسَنِ تَرتِيلٍ و خَيرِ مَعَانِ
أبي شَكْلُ آمالي عَقيمٌ و إنَّمَا=إلى عَكسِهَا شَطراهُ يَنعَكِسَانِ
أبي لَوعَتِيْ مِمَّا دُهِيتُ و حُرقَتِيْ=بِقَلبي مَدَى الأيَّامِ دائِمَتَانِ
و كِلتاهُما مَحصورَتانِ بأضلُعيْ=لِذَا عَبرَتَا عَينَيَّ مُطْلَقَتَانِ
أبي لاحِظِ البِيْضَ الحِدَادَ فإنَّهَا=قَريحَاتُ أجفانٍ إليكَ رَوَانِ
بَقينَ كِلالاً في حِدادٍ و مأتَمٍ=فَلَيسَ لَهَا من زِينَةٍ و تَهَانِ
أبي لَيتَ أيَّامَ امتِحانيَ لَم تَكُن=أوِ المَوتَ من رَقمِ الحَيَاةِ مَحَانيْ
وَلَيتَ وَضيعاً قد عَلاكَ بِسَيفِهِ=تَلَقَّاكَ يومَ الرَّوعِ و الجَوَلانِ
نَواصِبُ هذا غِبُّ نَصبِ إمامِكُمْ=فَمَهلاً فأيَّامُ العَذابِ دَوَانِ
فَصَبراً على إيذائِكُمْ و امتِهَانِكُمْ=فَلَيسَ الّذي يُجنَى عَلَيهِ كَجَانِ
وَلائِيْ بِآلِ المُصطفى و براءَتي=مِن اعدَائِهِم أمرَانِ مُرتَبِطَانِ
كما أنَّ وُدِّيْ لِلهُداةِ و مُهجَتِيْ=بَقَلبِيَ مَخزُونَانِ مُخْتَلِطَانِ
تَمَلَّكَ رِقِّي بِرُّهُمْ بي فَهَاهُمَا=على عُنُقي طَوقَانِ مُنطَبِقَانِ
إذا قُلتُ إنِّي رَقُّهُمْ خِلتُ أَنَّنِيْ=سُرُوراً بِهِ في مَطلَعِ السَّرَطَانِ
لَئِنْ طَمَسَتْ عَنْ فَضلكُم أعيُنٌ فَلِيْ=لِفَضلِكُمُ عَينَانِ مُبصِرَتانِ
و إنْ قَبِضَتْ أيدِيْ الأمَانِيِّ عَنُكُمْ=فَلِي نَحوَكُم كَفَّانِ مُنبَسِطَانِ
فأنتُم إذا قامَ الحِسَابُ ذَخيرَتِيْ=و أنتُمْ إذا خافَ الأنَامُ أمَانِيْ
إذا حَسَنٌ وافَى بِحُسنِ وَلائِكُمْ=فلا شَكَّ أن يُسقى رَحيقَ جِنَانِ
وَلاْ زالَ تَسلِيمٌ يُلازِمُ ذاتَكُمْ=مُلازَمَةَ الحسَّاسِّ لِلحَيَوَانِ