أما كان ركني مقمعا للفوادح
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
بُكائي شِفائي مِن جَوَىً في جَوَانحي=و وَقعُ خُطُوبٍ في فؤادي فَوَادِحِ
و ما في بُكاءٍ من شِفاءٍ لِعِلَّةٍ=و هل يَنفَعُ المَجروحُ فَيضُ الجَرَايحِ
فيا لِخُطُوبٍ لَذعُها بَينَ أضلُعي=إلى أن أُوارى بالصَّفا و الصَّفايحِ
أيُنفَى وَصيُّ المُصطفى عن مَقَامِهِ=و يَحظى لَصيقٌ بالمُنى و المنايحِ
أتُغتَصَبُ الزَّهراءُ ميراثَهَا و ما=لَهَا مَنَحَ المُختارُ أكرَمُ مَانِحِ
و إنَّ الَّتي قد أحدَثَت خَطبُ كَربلا=لأجدَرُ أن تُدعى بأُمِّ القَبَايحِ
غَدَاةَ أقامَ السِّبطَ في عَرَصَاتِهَا=يُكابِدُ من أعدائِهِ كُلَّ كاشِحِ
و جادَت لَهُ بالنَّصرَ أنفَسُ أنفُسٍ=سُوَامٍ بِفِقدانِ الحَيَاةِ سوامِحِ
تَجَلَّى لَهُم ما تَطمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ=بِهِ رأيَ عَينٍ من غَليلِ الجَوَانِحِ
قَضَوا فرضَهُم حتَّى قَضَوا نَحبَهُمُ و لم=يَبِلُّوا قَليلاً مِن غَليلِ الجَوَانِحِ
و ظَلَّ وَحيدُ العَصرِ مِن بَعدِ قَتلِهِم=وَحيداً يَراهُمْ حَولَهُ كالذَّبايِحِ
فَقَامَ فألقى قَلبَهُ فَوقَ دِرعِهِ=ثَبَاتَاً و أمَّ القَومَ إقدَامَ قَارِحِ
و ما زالَ يَدعُوهُم إلى الرُّشدِ و الهُدى=و لم يَألُ جُهداً في أداءِ النَّصائِحِ
فَوَلَّوا نُفُوراً كارِهينَ لِقَولِهِ=و قد يَكرَهُ الجُعلانُ أزكَى الرَّوَائِحِ
فَقَالَ ذَرُوا حَربي و إلَّا فَبَرِّدُوا=غَليلي و إلَّا فاعدِلُوا في التَّكَافُحِ
فقَالوا مَحَالٌ ما طَلِبْتَ و باطِلٌ=و أّمُّوهُ في سَبعينَ ألفِ مُكافِحِ
فَشَدَّ على قَلبِ الخَميسِ فَفَضَّهُ=كَمِثلِ أبيهِ الطٌّهر مُردي الجَحَاجِحِ
و مَزَّقَهُ طُولاً و عَرضاً و يَمنَةً=و يُسرى و ما حالُ القَطَا عِندَ جَارِحِ
و ما زالَ يَحمي آلَهُ بِجِهادِهِ=حِمَايَةَ حُفَّاظِ الحَقَايِقِ ناصِحِ
يَكِرُّ و يَسطُو و هوَ يَنظُر جِسمَهُ=نَهيبَاً لَدَى سَيفٍ و رَامٍ و رَامِحٍ
إلى أن أتاهُ سَهمُ رِجسٍ بِنَحرِهِ=فَخَرَّ عَفيراً فَوقَ عَفرِ الصَّحاصِحِ
و شَمَّرَ شِمرٌ مُشْمَخِرَّاً بِهِ الهَوَى=إلى مَطمَحٍ قَد فاقَ كُلَّ المَطَامِحِ
إلى حَيثُ وافَى السِّبطَ مُغمَىً علَيهِ لا=يُطيقُ نُهُوضاً مُثخَنَاً بالجَرَايحِ
فَحَزَّ وَريدَيهِ و علَّى كَريمَهُ=كَبَدرِ تَمَامِ في دُجى اللَّيلِ لايِحِ
فَيَا لَكَ مِن أمرٍ عَظيمٍ و مُعضِلٍ=جَسيمٍ و خَطبٍ مُستَديمٍ و فَادِحِ
أيُذبَحُ شِمرٌ سِبطَ أحمَدَ جَهرَةً=و لا يَستَحيل الدَّهرُ مأتَمَ نَائِحِ
فَحَقَّ أناسِيَّ الأناسي أن تَرَى=طَوَافي في بَحرِ الدُّمُوعِ الطَّوَافِحِ
أَلَيسَ الحُسَينُ الطُّهرُ أفضَلَ مَن قَضَى=ذَبيحَاً و شِمرُ الرِّجسُ أرذَلَ ذَابِحِ
أمِن حَقَّ مَن في حَضرَةِ القُدسِ دائِمَاً=يُفيضُ عَلَيهِ مِن سَنِيِّ السَّوافِحِ
و مَن دِردَيَائِيلٌ عَتيقٌ لَهُ و مَنْ=بِهِ ذاقَ صَلصَائِيلُ بَردَ التَّسَامُحِ
يَكونُ ذَبيحَاً مِن قَفَاهُ مُعَفَّرَاً=يَفيضُ بِقَانٍ في البَسيطَةِ سَائِحِ
و يُمسي طَريحَاً في التُّرابِ مُجَدَّلاً=مَزَاراً لِأَسرابِ الطُّيورِ السَّوارِحِ
و يَبقى ثَلاثَاً لَم يُكَفَّن و لَم يُصَنْ=سِوَى في سَوَافي السَّافياتِ الرَّوايِحِ
و تُحمَلُ مِن فَوقِ الجِمَالِ نِساؤُهُ=سَبَايَا عَرَايَا بَينَ غَادٍ و رَايِحِ
مَقَارِيحَ أجفانٍ مَحَاريقَ أَكْبُدٍ=نَوَائِحَ ما كانَت تُرى في النَّوايِحِ
و تَندِبُ في الثَّكلى سُكَينَةُ عَمَّتَا=نَرُوحُ و هذا والِدِي غَيرُ رَائِحِ
أيا عَمَّتَا ما لي أرى لَيثَ غابَةٍ=تَمَكَّنَ من تَمزيقِهِ نَابُ نَابِحِ
و ما لي أراني لِلفوادِحِ عُرضَةً=أما كَانَ رُكني مَقمَعَاً لِلفَوادِحِ
و ما لي أراني في الأنامِ ذَليلَةً=و هل مِثلُ جاري غُرَّةً في الأبَاطِحِ
فُؤادي فُؤادي قد تَصَوَّحَ صَبرُهُ=و أمَّا جَوَاهُ فَهو ليسَ بِصائِحِ
لقد بَرَحَ التَّفريحُ عَن رَحبِ خاطِري=بَرَاحاً و ما التَّبريحُ عَنهُ بِبَارِحِ
و إنَّ سُلُوِّي زائِلٌ غَيرُ زائِرٍ=كما أنَّ وَجدي نازِلٌ غَيرَ نازِحِ
أرى ما لَنَا من كالِىءٍ مِن نَكَالِ مَن=يَرَانَا بِوَجهٍ حالِكِ اللَّونِ كَالِحِ
و ليسَ لَنَا مِن ناصِبِ الحَربِ ناصِرٌ=سِوَى ساحِبٌ ذَيلَ الشَّمَاتَةِ مارِحِ
أيا حِزبَ حَربٍ أيُّ حَربٍ أظَلَّكُمْ=عَنِ المُصطَفَى ما كَانَ عَنكُمْ بِصَافِحِ
و يا طُلَقاءَ الفَتحِ هَلَّا عَرَفتُمُ=لِأَربَابِ ذاكَ الفَتحِ حَقَّ التَّسَامُحِ
ألَيسَ بِهذا مِن دَليلٍ لِذِيْ حِجَىً=مُبينٍ لِأسرَارِ القَبِيلَينِ شَارِحِ
أيا مَن وَلاهُم لِلجِنانِ مَفَاتِحٌ=و لَيسَ لَهَا غيرَ الوَلا مِن مَفَاتِحِ
جَنَحتُ لَكُم مُستَنجِحَاً مَطلَبي بِكُم=و هَل لَكُم مِن جَانِحٍ غَيرُ نَاجِحِ
كَفَى حَسَنَاً حِصناً لَهُ حُسْنُ ظَنِّهِ=و صِدقُ رَجَاءٍ في الأئِمَّةِ رَاجِحِ
فَمَهمَا جَنَى الجَاني جَنَى ما جَنَى جَنَىً=جِنَاني جَنَى حُبِّي لَكُم و نَصَايِحِيْ
نَعيمَاً مُقيمَاً خَالِدَاً غَيرَ مُنقَضٍ=و مَقْصَدَ صِدقٍ عِندَ أكرَمِ مَانِحِ
عَلَيكُم سلامُ اللهِ ما مَلِكٌ دَعَا=لِبَاكٍ علَيكُم بالرِّضا و التَّسَامُحِ