مُـحـيطُ الـبـلايا مُـسـتَديرٌ عـلـى الـمَجدِ فـــلا مَـجـدَ إلا لـلـصَّبورِ عـلـى
الـجُـهدِ
و لــو لا وُقـوُعُ الـمَجدِ فـي مَـركَزِ
الـبلا لَـــدَاسَ ذَرَاهُ أخــمُـصُ الـحُـرِّ و
الـعَـبدِ
و مــا امـتَازَتِ الأشـرافُ فـي
طَـبَقَاتِهَا مِــنَ الـفـضلِ إلَّا بـالـتَّفاوُتِ فـي
الـجِدِّ
إذا اشـتـدَّتِ الـبَـلوَى تَـضَـاعَفَ
أجـرُهَـا و مِــن ثَــمَّ فـاقَـت كَـربـلاءُ عـلى
أُحـدِ
و إن لَــفَّ بُــردُ الـفَـضلِ بَــدرَاً
فَـكَرْبَلا جِـمـيـعَاً ثَـــوْتَ بَـــدراً بِـحـاشيَةِ
الـبُـردِ
لِأَصــحـابِ بَـــدرٍ مِــن وراءِ
ظُـهُـورِهِم ظَـهـيراً يُـغَـطِّيْ سَـاحَـةَ الـجَـزْرِ
بـالـمَدِّ
و مُـــــزْنُ مَــواعـيـدِ الإلــــهِ بــنَـصـرِهِ عَـلَـيهِم هُـطُـولٌ دَوقَــةُ مَـحْـمَد
الـوَقْـدِ
إذا أرعَــدَت فــي الــرَّوعِ مِـنـهُم
كَـتيبَةُ فَــالَّــقَ الـنَّـصـرِ فـــي ذَلِـــكَ
الــرَّعـدِ
و لَـيـسـوا كـأنـصَـارِ الـحُـسَـينِ
بِـكَـربلا فــإنَّـهُـم فــــي كُــــلِّ ذَلِــــكَ
بـالـضِّـدِّ
فــــلا مَــعـقِـلاً إلا ظــــلَالُ
سُـيُـوفِـهِـمْ و إلَّا قَــرَابــيـسُ الـمُـضَـمَّـرَة
الــجُــردِ
و لا مَـــوعِـــداً إلَّا بــقــتــلٍ و
مِــثــلَـةٍ و هَــتـكِ نِـسـاءٍ ثُـكّـلِ الأهــلِ و
الـوِلْـدِ
و مَـــنــهْــلَاً إلا دِمـــــــاءٌ
تَــــحَـــدَّرَتْ عـلى الـلَّهْدَم الخّطِّيِّ و المِخْذَمِ
الهِنْدِيْ
شَــرى اللهُ مِـنـهُم بـالـجِنانِ
نُـفُـوسَهُم تَـبَـارَكَ مِــن شَــارٍ و بُــورِكَ مــن
نَـقدِ
رأوا مــــا أعَــــدَّ اللهُ فــيـهـا
لِأهــلِـهـا عَـيَـانَاً و شَـمُّـوا رايــحَ الـمِـسكِ و
الـنَّدِّ
فَــتَـاقَ إلـــى طِـيـبِ الـجِـنَانِ
جـنَـانُهُم و مــا طَـيِّـبٌ فـي الـطَّيِّباتِ بِـذِي
زُهْـدِ
يَــعِــدُّونَ لَــــذَّاتِ الــحـيـاةِ و
طـيـبَـهَـا سُمُوماً و صابَ المَوتِ ضَرباً مِنَ الشَّهدِ
أُسُــــودَ شَـــرَىً لا يَـعـشـقونَ
جَـــآذِرَاً مِـنَ الـهِندِ لَـكِن يَـعشقونَ ظُـبى
الـهِندِ
مَـتَـى صَـلَّـتِ الـبِـيضُ الـرِّقاقُ
أمـامَهُم لإدرَاكِ ثــارٍ يَـشـفَعوا الـشُّـكرَ
بـالـحَمدِ
فَـلِـلَّـهِ كَـــم قَـــدَّت ظِـبـاهُم
قَـسَـاوِراً عَـلَـيـهَـا دِلاصٌ لُــمَّــعٌ حُــبَّـكُ
الــسَّـردِ
و لــلـهِ كَـــم عَـفَّـت حُــدُودُ
سُـيـوفِهِم رُســـومَ سُـيـوفٍ لا تُـهـدَّى و لا
تَـهـديْ
إلـى أن ضَـفَت مِـن حَولِهِم حُلَلُ
الرَّدى قَـوَانِيُّ لـكن سَـوفَ تَـخضَرُّ فـي
الـخُلدِ
بُـــدُورُ سُــرُوجِ الـخَـيلِ خـيـرُ
بُـرُوجِـها فَـمَـهمَا تَـهَاوَت ذُبَّـحاً تُـمسِ فـي
سَـعدِ
و ظَـلَّ وَحـيدُ الـعَصرِ فَـردَاً يَخوضُ
في بُــحُـورِ دِمَـــاءٍ مِــن نُـحُـورِ بَـنـي
هِـنْـدِ
إذا جــــالَ بــالأبـطـالِ خِــيــلَ
إلَـيـهِـمُ مَــجَـالُ عَــلِـيٍّ بـالـكَـتَائِبِ فـــي
أُحْــدِ
إلــى أن هَــوَى مِــن نَـبـلَةٍ فـي
فُـؤَادِهِ ضَـعيفَ الـقِوَى إلَّا عَـنِ الشُّكرِ و
الحَمدِ
صَـريـعـاً عــلـى حَـــرِّ الـجَـبينِ
مُـعَـفَّرَاً يُـعـالِجُ نَــزعَ الـسَّهمِ مِـن وَسَـطِ
الـكَبْدِ
و يُـضـرِمُ وِجــدي قَــولُ زَيـنَـبَ
لِـلنِّسَا و حَـــولَ أخـيـهَـا دَائِـــرٌ سـائِـرُ
الـجُـندِ
صُــفـوفـاً يُــريــدُونَ احــتِـزازَ
كَـريـمَـهِ قُـلُـوبُـهُمُ تَـغـلـي عَـلَـيـهِ مِـــنَ
الـحِـقْدِ
و مَــن يَــدنُ يُـرجِـف قَـلبُهُ مِـنهُ
خِـيفَةً و يِـخشاهُ طَـبعَاً خِـيفَةَ الأسَدِ القِردِ
(1)
تَــقــولُ لِــتِـلـكَ الــطَّـاهِـراتِ
أغـفـلَـةً و هــذا حُـسَـينٌ ذايــقٌ حَـتـفَهُ
الـمُرديْ
أَأَحْــمَـدُ يَـفـديـهِ مِـــنَ الــمَـوتِ
بـابـنِهِ و يُــذبَـحُ جَــهـراً مــا لَــهُ أحَــدٌ
يَـفـديْ
تَـعَـالَـينَ نَــبـذِلْ جُـهـدنـا فـــي
فِـدائِـهِ فَــكُــلُّ جَـلـيـلٍ دُونَـــهُ هَــيِّـنُ
الـفَـقـدِ
فَـلَـمَّا رأيــنَ الـسِّـبطَ و الـشِّـمرُ
مُـتَّـكٍ عَـلَيهِ و قَد سَلَّ الحُسَامَ مِنَ الغَمدِ
(2)
سَـقَـطْـنَ عـلـى حَــرِّ الـوُجُـوهِ
ذَواهِــلاً زَوَاجِــرَ شِـمـرٍ وَيــلُ أُمِّــكَ مِــن
وَغــدِ
أَيَــا شِـمْـرُ هــذا واحِـدُ الـعَصرِ
سُـؤدَدَاً و فَـخرَاً و ثاني قُرطَيِ العَرشِ و
المَجدِ
أيــا شِـمرُ ذا رَيـحانَةُ الـمُصطفى
الَّـتي يُـرْجِّـحُـهَـا شَــمَّــاً عــلــى أَرَجِ
الـــوَرْدِ
و كــــانَ يُــرَبِّـيـهِ صَــغـيـراً و
فَــاطِــمٌ جَـمـيـعَاً جِـبـريـلٌ يُـنـاغِيهِ فــي
الـمَـهدِ
إذا حَـــزُنَ اغـتَـمُّوا و إن سُــرَّ
يَـفـرَحُوا يُـكِـنُّـونَهُ عَـــن شِـــدَّة الــحَـرِّ و
الـبَـردِ
فَــمَــا حـالُـهُـم لـــو عَـايَـنُـوهُ
مُــجَـدَّلاً طَـريـحَاً عـلـى الـرَّمـضاءِ مُـنعَفِرَ
الـخَدِّ
ألا ارفَـع غِـرارَ الـسَّيفِ عَـن نَـحرِهِ
فَقَد تَـحَـلَّقَتِ الأمــلاكُ تَـبـكي مِــنَ
الـوَجـدِ
فـــمــا ازدادَ إلا قَـــســوَةً و
جَـــــرَاءَةٌ و حَــكَّـمَ فــي أودَاجِــهِ مُـرهَـفَ الـحَـدِّ
و تَــــوَّجَ بــالـرَّأسِ الـشَّـريـفِ
مُـثَـقَّـفاً فـأشرَقَ نُـوراً فـي الأهـاضيبِ و
الـوُهدِ
فَــخَـرَّت عـلـى أذقـانِـهِنَّ ذُرى
الـعُـلى و لَــم يَـبـقَ رُكــنٌ لِـلـهُدى غـيـرُ
مُـنْهَدِّ
و سـيقَت نِـساءُ السِّبطِ أسرَى
حَوَاسِرَاً عـلـى قُـتُبِ الـنِّيقِ الـهِزَالِ مِـنَ
الـجُهْدِ
تُــنـادي أبَـاهَـا فــي الأُسَــارَى
سُـكَـينَةٌ بِــقَـلـبٍ وَجِــيــعٍ بـالـمَـصَـايِبِ
مُــنـقَـدِّ
أيـــا أبَــتَـا مـــا لـــي أرَانـــي
أســيـرَةً بِــكَـفِّ طَـلـيـقٍ عـاِبـسِ الـوَجـهِ
مُـرتَـدِّ
أبــي مَـضَّـني ضَـربُ الـسِّياطِ
بِـعَاتِقِيْ و آلَـمَـنِـي لَـطـمُ الأكُــفِّ عـلـى
خَــدِّيْ
فــهـا أنــا قــد أُلـبِـستُ ثَـوبَـاً
مُـسَـهَّمَاً مِــن الـجِلدِ لا يَـبلَى بِـدُونِ بِـلَىْ
جِـلدِيْ
و غُـلَّـتْ أشَــدَّ الـغِـلِّ يــا والِــدِي
يَـدي و عِـيقَت بِـضيقِ الـشَّدِّ عَـن سَـعَةِ
المَدِّ
أبـي كُـنتَ سُلطاني المَديدِ على
الوَرَى و كَـنزيْ مَـتَى احـتاجُ الـوُفُودَ إلـى رَفْـدِ
فَــذَا الـيَـومُ لا الـوُغَّـادُ يَـقـرَعُ
سَـمـعَهَا و عِـيدِي و لا الـوُفَّادُ تَـطمَعُ فـي
وَعديْ
أبــي يــا ذَبـيـحَاً مِــن قَـفَـا غَـيـرُ
بـالِـغٍ مـنَىً و حَـطيماً فـي صَـفَا خَـشِنٍ
صَـلْدِ
قَــتــيـلاً تَــحَــامَـاهُ الأُسُــــودُ
مَــهَـابَـةً و قَـــد ظَـــلَّ عُـريـانـاً ثَـلاثَـاً بِــلَا
لَـحـدِ
بَـكَـنْـهُ بِـقـانِـيهَا الـسَّـمـاءُ و مـــا
لَــهَـا و قَــد بَـخَلَت مِـن قَـبلُ مَـعذِرَةً
عِـندِيْ
أتَـبـكـي دِمـــاءً حَــيـثُ لا يَـنـفَـعُ
الـبُـكَا فَـهَـلَّا بَـكَت بـالغَيثِ حَـيثُ الـبُكَا
يُـجدِيْ
عَـشـيَّةَ بــاتَ الـسِّبطُ عَـطشَانَ
صـادِياً و أصـبَحَ مَـسجورَ الـحَشَا مُـحرَقَ
الكَبدِ
يَــــوَدُّ لــــو ابــتَـلَّـت جَـوَانِـحُـهُ و
لـــو بِـتَـضميدِهَا بـالنَّتنِ مِـن حَـمَأ الـثَّمدِ
(3)
أَرَأْسُ حُــسَـيـنٍ فَـــوقَ رُمـــحٍ
هَــدِيَّـةٌ لِــشَـرَّابِ خَـمـرٍ دأبُــهُ الـلَّـعْبُ
بـالـنَّردِ
و يــتـرُكُ مِــنـهُ الـثَّـغـرَ قَــرعَـاً
كــأَنَّـهُ نَـثـيـرُ لآلٍ قَـــد تَـسَـاقَطنَ مِــن
عَـقـدِ
يَــزيــدٌ عَــلَـيـهِ الـلَّـعـنُ دأبَـــاً و
أُمُّـــهُ و والِـــدُهُ و الــعَـمُّ و الــخـالُ و
الـجَـدُّ
نِــظـامُ وُجـــودِ الـخَـلـقِ هــاكُـم
لآلِـئَـاً مُـنَـظَّـمَةً فـاقَـت عـلـى كُــلِّ ذيْ
ضِــدِّ
و مُـسـتَـقْـبِحَاً قَــــولاً بَـلـيـغـاً
عَــذَرتُـهُ لِـقُبحِ ضِـيَاءِ الـشَّمسِ في الأعيُنِ
الرَّمْدِ
أَقَــــلُّ قَـلـيـلٍ فـــي جَـلـيـلِ
جَـلالِـكُـم و لَـكِـنَّما الـمُـهدَى عَـلَـى قَـدرِ
الـمُهدِيْ
إذا حَـــسَــنٌ حَـــــازَ الــقـبُـولَ
فــإنَّــهُ قـبُـولٌ لِـعَـقدِ الـحُـورِ فــي جَـنَّةِ
الـخٌلدِ
عَـلَـيـكُـمْ سَــــلَامٌ لَا انــحِـصَـارَ
لِــعِـدِّهِ مَـتَى انـحَصَرَ التَّعدَادُ في الزَّوجِ و
الفَردِ