نَـعِـمـتُم صَـبَـاحَاً جـيـرَةَ الـعَـلَمِ
الـفَـردِ تَـحـيَّـةَ مُـشـتـاقٍ إلَـيـكُـم عـلـى
الـبُـعدِ
عَـنِ الـعَينِ غِـبتُم لا عَـنِ الـقلبِ
خُـلَّتِي و مِــن ثَـمَّ كـانَ الـشوقُ مُـتَّصِلَ
الـوَقدِ
فـلـو غِـبـتُمُ عــن نـاظِـرِي و
ضَـمَـائِري سَـلَـوتُ و لَــم أحـفَل بـوَصلٍ و لا
صَـدِّ
و لــو شـاهَدَتكُم مُـقلتي مـثلُ
خـاطري ظـفـرتُ بَـعِـزِّ الـدَّهرِ فـي عـيشَةٍ
رَغَـدِ
فــهـل نـظـرَةٌ تَـشـفي الـفُـؤادَ
أحِـبَّـتي و إن لَــم تَـكُـن بـالـفعلِ أكـتَفِ
بـالوَعدِ
و إن لَـــم تُـجُـودُوا لــي بـوَعـدٍ
فـإنَّـني أجُــودُ بـأسـنَى مــا يُـحـيطُ بِــهِ
وُجـديْ
فَـقَدتُ لـكُم صَـبري و بِشري و
صِحَّتي و نَـومي و دَمـعي الـمُستَهَلِّ على
خَدِّيْ
و إن شِـئـتُم جُــودي بـنَـفسي أجُـد
بِـهَا و ذلِــكَ مِــن أسـنَـى مَـوَاهِـبِكُم
عِـندِيْ
كــمـا جـــادَ أنــصَـارُ الـحُـسَينِ
بِـكَـربلا بِـأنـفُـسِهِم فــي طـاعَـةِ الأحَــدِ
الـفَـردِ
عَــشــيَّـةَ يَـسـتَـدعـيهِ خــالِـقُـهُ
إلــــى جِــهَـادِ أعــادِيـهِ الــغُـواةِ عَــنِ
الـرُّشـدِ
لـيَـشرَبَ مِــن كــأسِ الـشَّهادَةِ
شَـربَةً يَــلَـذُّ لـــهُ فــي ذَوقِـهَـا نَـشـوَةُ
الــوَرْدِ
و كُــوشِـفَ أنــصـارُ الـحُـسَينِ
بِـسِـرِّهَا فـطـاروا لـهـا فَــوقَ الـمُـضَمَّرَةِ
الـجُرْدِ
سَـمَـاحَـاً بــأرواحٍ سُـمـاةٍ إلــى
الـعُـلى رُوَاءً مــنَ الـتَّـقوى ظِـمَـاءً إلــى
الـوِردِ
مُـجَلِّينَ فـي الـجُلَّى مُصلِّينَ في
الدُّجى كَـثـيرينَ فـي الـهَيجَا قَـليلينَ فـي
الـعَدِّ
إلـى أن قَـضَوا نَحباً و أمسَت
جُسُومُهُمْ عـلى الأرضِ و الأرواحِ فـي جَـنَّةِ
الـخٌلْدِ
و ظَـــلَّ وَحــيـدَاً واحِــدُ الـعَـصرِ
آيـسـاً مِــنَ الـنَّـصرِ فــردَاً لا يُـؤَمَّلُ فِـنْ
رِفْـدِ
مـتـى يَـلـتَفِت يَـنـظُر إلــى مـا
يَـسُوؤُهُ و يُـضـرِم فــي أحـشـائِهِ جَـذوَةَ
الـوَجدِ
يـرى أنـجُماً مـن هـاشِمٍ قـد
تَـسَاقَطَتْ بِسُمرِ القنا و البِيْضِ في الهَضبِ
والوِهْدِ
و فــي الـخِـيَمِ الـغـرَّاءِ مــن آلِ
أحـمَـدٍ ثـواكِلُ مـن أجـفانِهَا الـسُّحبُ
تَستَجديْ
ذَوَاتُ شــفـاءٍ نـاشِـفـاتٍ مـــنَ
الـظَّـمَا لــهـا لَـحَـظَـاتٌ لـلـفُـراتِ مـــنَ
الـبُـعْدِ
و مـــن بـيـنـها الـسَّـجَّادُ فِـلـذَةُ
كَـبـدِهَا عَـلـيلاً يُـقـاسي شِــدَّةَ الـضُّـرِّ و
الـجُهدِ
و مـــن حَـولِـهِ سَـبـعونَ ألــفَ
مُـقـاتِلٍ بُــرَاءٌ مــنَ الـتَّـقوى غِـلاظٌ مِـنَ
الـحِقْدِ
فــلـو طَــرَقَـت هــذي الـنَّـوائِبِ
غَـيـرَهُ لَأَحــجَــمَ حــتَّــى لا يُـعـيـدُ و لا
يُــبـديْ
و لَــكِـنَّـهُ الــقُـطـبُ الَّـــذي لا
يَـــؤُودُهُ هُــجُـومُ الـرَّزَايَـا عَــن مُـقـاوَمَةِ
الـضِّـدِّ
تَـمَـلَّكَ تَـصـريفَ الـمـقاديرَ حَـسـبَ
مـا يُــريـدُ فـعـاصـيها لَـــهُ ضـــارعِ
الــخَـدِّ
فَــلَـو شـــاءَ تَـدمـيـرَ الَّــذيـنَ
تَــمَـرَّدُوا عَـلَـيهِ لـمـا اسـتـطاعوا لِـذَلِـكَ مِــن
رَدِّ
و لـــكــن رأى أنَّ الــشَّــهـادَةَ
مَــغـنَـمٌ فـآثَـرَهـا إذ لا عَـــنِ الــمَـوتِ مِــن
بُــدِّ
كـأنِّـي بِــهِ فــي مَـظـهَرِ الـقَـهرِ
بــارِزاً تَـــذوبُ لِأَدنـــى بِــأسِـهِ مُــهَـجُ
الأُسْــدِ
يُـلاقـي حُـدُودَ الـبِيضِ و الـسُّمرِ
بـاسِمَاً مُـلاقـاةِ وَفــدٍ مُـسـرعينَ إلــى
الـرِّفـدِ
ضَــروبـاً بِـحَـدِّ الـسـيفِ حـتـى
تَـثَـلَّمَت مـضـارِبُـهُ مـــن شِــدَّةِ الـقَـطِّ و
الـقَـدِّ
صَـبـوراً تَـوَالَـت فــي مـقـاديمِ
جِـسمِهِ ثَـمَـانونَ جُـرحـاً بـالظِّبَى و الـقَنَا
الـمُلدِ
مُــغـشَّـى بِــسَـيَّـاراتِ نَــبــل
نـصَـالِـهَا ثَـوَابِتَ فـي الأحـشاءِ و الـقَلبِ و
الـكَبْدِ
و مــن بَـعـدِ جُـهـدٍ خَــرَّ و الـجِدُّ
صـاعِدٌ صَـريـعـاً بــرَغـمِ الــجـدِّ مُـنـعَفِرَ
الـخَـدِّ
و جُــرِّعَ صـابَ الـقتلِ ذَبـحَاً مِـنَ
الـقَفَا عـلـى أنَّــهُ أشـهـى إلَـيـهِ مِــنَ
الـشَّـهدِ
أحَــــبَّ لِــقـاءَ اللهِ مِـــن حَــيـثُ
أنَّـــهُ مُـــرادٌ لَـــهُ فـالـتَذَّ بـالـسَّبَبِ
الـمُـرديْ
كــمـا سُـــرَّ مـــن قَــبـلٍ أبُــوهُ
بِـقَـتلِهِ و كَــم والِــدٍ بـانَت سَـجَاياهُ فـي
الـوِلدِ
ألَــــم تَــــرَ أنَّ الــطَّـاهِـرَاتِ
تَـخَـلَّـقَتْ بِـأَخـلاقِهِ فــي شِــدَّةِ الـكَـربِ و
الـجُهْدِ
بَـقينَ خِـلافَ الـسِّبطِ فـي الـطَّفِّ
ثُـكَّلاً و لا مُـنـجِدٍ يَـرثـي لـهـا مِـن أذى
الـجُندِ
تُـجـاذِبُـهـا ثَــــوبَ الــوَقَــارِ
شُـجُـونَـهـا و يـأبـى حِـجاجَها أن تَـحيدَ عَـنِ
الـقَصدِ
شُـجُـونٌ خَــوَافٍ فــي قُـلُـوبٍ
خَـوافِقٍ و لا صَــرخَـةٍ تَـعـلـو و لا جَـزَعَـاً
تُـبـديْ
و لـكِـنَّـهـا تَـسـقـي الــثَّـرى
بِـدُمُـوعِـها بــــلا رَنَّــــةٍ كـالـواكِـفـاتِ بـــلا
رَعْـــدِ
تَـجَـلَّـدُ مِــن صِــدقِ الـشَّـهامَةِ
عِـنـدَمَا تُــمَـزَّقُ مـنـهُـنَّ الـجُـلُـودُ مِـــنَ
الـجِـلدِ
و يُـسـلَـبُ مِـنـهـا كُـــلُّ غـــالٍ و
إنَّــهـا لَـتَـنـظُـرُهُ مُـسـتَـحـقِراً هَــيِّـنَ
الـفَـقـدِ
و يُــنــزَعُ مِــنـهُـنَّ الــــرِّداءُ
فَــتَـرتَـديْ بــأردائِـهـا مَـلـفـوفَةَ الــكَـفِّ و
الــزَّنـدِ
و يُـحـمَلنَ مِـن فَـوقِ الـمَطيِّ بـلا
وَطَـاً كـما تُـحملُ الأسـرى مِنَ الرُّومِ و
الكُرْدِ
و لـمَّـا بـلـغنَ الـشَّـامَ غـنَّـى يَـزيدُ
مـن شـمـاتَتِهِ فــي مَـجـلسِ الـخَمر و
الـنَّرْدِ
ظـفـرتُ بـثـأرٍ كــانَ لــي عِـنـدَ
هـاشِمٍ و مــا هـاشِمٌ بـالمُدرِكِيْ ثـارَهُم
عِـندِيْ
صَــهْ يـابـنَ هِـندِ و ارتَـقِب أخـذَ
ثـارِهِم بسَيفِ الإمام القائِمِ الخَلَفِ المَهديْ (1)
و إنِّــــي لأرجــــو أن أفُــــوزَ
بـنَـصـرِهِ و مِــن آلِ ضَـيـفِ اللهِ طـائِـفَةٌ
جُـنـديْ
فــنَــروي صَــــدَا أسـيـافَـنـا و
قُـلُـوبِـنا و نَـبـصِقُ فـي وَجـهِ ابـنِ خَـيثَمَةِ
الـوَغْدِ
إذا حَــسَـنٌ نـــالَ الــمُـرادَ مِــنَ
الـعِـدا فَـلَـسـتُ عـلـى دَهــرٍ أســاءَ
بـمُـستَعْدِ
و أســألُــكَ الــلَّـهُـمَّ عَــفـواً و
رَحــمَـةً لِـمَـن يَـتَـوَالَى بـالـهُداةِ أُولــي
الـرُّشـدِ
خُـصوصاً أُصـولي و الـفُرُوعُ لَـهُم و
مَن بَـكَى لِـمُصابِ الـطَّاهِرينَ أُولـي
الـمَجْدِ
عَـلَـيـهِـم مـــن اللهِ الــسَّـلامِ
سَــلامُـهُ مـتـى وَجَـدَ الـمُضنَى جَـوَى أَلَـمَ
الـوَجْدِ