في رثاء الحسين (ع)
الشيخ محمد سعيد السكافي
معاهدهم بالسفح من أيمن الحمى= سقاهن وجافّ الغمام إذا همى
وقفت بها كيما أبثّ صبابتي= فكان لسان الدمع عنها مترجما
دهتها صروف الحادثات فلم تدعد= بها أثراً إلا طلولاً وأرسما
بلى إنها الأيام شتى صروفها= إذا ما رمت أصمت ولم تخط مرتمى
وليس كيوم الطف يوم فإنه= أسال من العين المدامع عندما
غداة استفزت آل حرب جموعها= لحرب ابن من قد جاء بالوحي معلما
فلست ترى إلا أصمّ مثقفاً= وأبض إصليتا وأجرد أدهما
أضلّت عداها الرشد والهدي والحجى= وباعت هداها يوم باعته بالعمى
أتحسب أن يستسلم السبط ملقياً= اليها مقاليد الامور مسلّما
ليوث وغىً لم تتخذ يوم معرك= بها أجماً إلا الوشيج المقوّما
ولم ترض غيرالهام غمداً إذا انتضت= لدى الروع مشحوذ الغرارين مخذما
ومذ عاد فرد الدهر فرداً ولم يجد= له منجداً إلا الحسام المصمما
رمى الجيش ثبت الجأش منه بفيلق= يردّ لُهام الجيش أغبر أقتما
وكرّ ففرّت منه عدواً جموعهم= فرار بغاث الطير أبصرن قشعما
تقاسم منه الطرف والقلب فاغتدى= يكافح أعداءاً ويرعى مخيّما
تناهب مبيض الضبا فكأنما= غدا لحدود البيض فيئاً مقسّما
ولما جرى أمر القضاء بما جرى= وقد كان أمر الله قدراً محتما
هوى فهوى الطود الأشم فزلزلت= له الأرضون السبع واغبرت السما
وأعولت الأملاك نادبة وقد= أقامت له فوق السماوات مأتما
فأضحى لقى في عرصة الطف شلوه= ترضّ العوادي منه صدراً معظما
ويهدى على عالي السنان برأسه= لأنذل رجس في امية منتما
وينكته بالخيزران شماتة= يزيد ويغدو ناشداً مترنما
(نفلّق هاماً من رجال أعزةٍ= علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما)
فشلّت يداه حين ينكت مرشفاً= لمرشف خير الرسل قد كان ملثما
ولهفي لآل الله بعد حماتها= وقد أصبحت بين المضلين مغنما
إذا استنجدت فتيانها الصيد لم تجد= برغم العلى غير العليل لها حمى
تجوم بها أجواز كل تنوفةٍ= وتسبى على عجف المصاعب كالإما
حواسر من بعد التخدّر لا ترى= لها ساتراً إلا ذراعاً ومعصما
وزينب تدعو والشجا يستفزها= أخاها ودمع العين ينهلّ عندما
أخي ياحمى عزي إذا الدهر سامني= هواناً ولم يترك لي الدهر من حمى
لقد كان دهري فيك بالأمس مشرقا= فهاهو أمسى اليوم بعدك مظلما
وقد كنت لي طوداً ألوذ بظله= وكهفاً متى خطب ألمّ فألما
أدير بطرفي لا أرى غير أيّمٍ= تجاوب ثكلى في النياحة أيّما
رحلت وقد خلفتني بين صبية= خماص الحشى حرّى القلوب من الظما
عدمت حياتي بعد فقدك إنني= أرى بعدك العيش الرغيد مذمما
أرى كل رزء دون رزئك في الورى= فلله رزء ما أجلّ واعظما