انقلاب


يومَها الأصنامُ عادتْ من جديدْ
تقرأ القرآنَ،
تبكي..
تتوضا.. وتصلّي في خشوعٍ من جليدْ
يومَها الشيطانُ أغفى باكراً مع شخيرٍ وابتسامْ
ثمّ لم يأبه بإنجاز الشياطينْ
فشياطينُ سواهم أحرزوا ذاك الوسامْ !
يومها عادتْ إليهِ نبرةُ الصوتِ الحديدْ
وإلى عينيه إصرارُ الجحودْ
يومَها الراياتُ عادت تحضنُ الرملَ البليدْ
تتعرّى من خَضارٍ وبياضْ
ترتدي الليلَ
وتُسقى خمرةَ النزفِ الجديدْ
يومَها الأصفادُ عادتْ تنخرُ النفسَ المليئةَ بالثقوبْ
وإذا الدربُ التي مهرُها الغالي دماءُ الشهداءْ
أصبحتْ بِضعَ دروبْ !
تتلوى مثل حيّاتِ الرمالْ
تلبسُ المحرابَ درعاً ضدّ محرابِ الوجوبْ
صوتُها العالي غدا نصّاً
صادرَ النصَّ الأكيدْ
يومَها الشمسُ على الشمس أرادتْ حجّةً
ودليلاً للدليلْ !
وأراد الصبحُ فانوساً ليظهرْ
ويُرى صبحاً على الوادي الكَنودْ !!
يومَها الأيدي أماطتْ عن محيّاها العهودْ
خلعتْ عنها امتثالاً قد تهرّى بالنفاقْ
فاضَ في كلّ الأزقةِ ذلك الوجْهُ القبيحْ
وعلى قلب المدينةِ قد جثا ذاك الفحيحْ !
وأبتْ تلك القفارُ سحاباتِ الهدى
والصدورُ المترعاتُ بالدجى
أقصى الدجى
والعيونُ المولعاتُ بالعَمى
أعمى العَمى
قلبتْ ظهْرَ المِجنِّ وكادتْ أيَّ كيدٍ للضحى
يومَها المحرابُ أمسى بوقَ حربٍ بين قاماتِ الصلاةْ
روّضوا فيه الجموحْ
روّضوهُ كي يلينَ ليزيدْ
وهشامٍ ووليدْ
يومَها بنتُ الضياءْ
صادروا منها الغصونَ والثمارَ والهناءْ
صادروا منها القرابةْ
والجلالةْ
صادروا منها البكاءْ !
قبل هذا
وَقَّعوا فوق سطورِ البابِ بأقلامِ الحطبْ !
كتبوا ذاكَ الحريقْ
سطروا الحقدَ لهيباً فوق أوردةِ الخشبْ !
صادروا نبعَ الرحيقْ
وعن الغصنِ الكسيرْ
أسقطوا الزهرَ النضيرْ
ليقولوا: رجع الفرعونُ إلى الهرم الوطيدْ
ليقولوا: رجع النمرودُ إلى القصر العتيدْ
ليقولوا بدأ العهدُ الجديدْ
يومَها النورُ المصفّى
كان ما زال مسجّى
لم يغبْ بين السحابْ
لم يُدثّرْهُ الغيابْ
إنّما استشرى اللُهاثُ
وعوى الغدرُ الصديدْ
يومَها الشيطانُ فِعلاً – أنجزَ الخُبثَ الفريدْ
مزّقَ الثوبَ ثيابا
جعلَ الدربَ دروباً
زرعَ الأفقَ حِرابا
صاغَ شلّالَ الدماءْ
بثَّ في المحرابِ عاداً وثمودْ
يومَها...
ما يومُها؟
يومُ عجلِ السامريّْ
يومُ نحتٍ بشريٍّ لتفاصيلِ الخليفةْ !
وارتدادٍ نحو قافلةٍ كفيفةْ
يومُ بدءٍ للمؤامرةِ المخيفةْ
إنّه يومُ السقيفةْ
إنّه يوم الجحودْ

Testing
عرض القصيدة