إذا أَعياكَ مِنْ دُنياكَ داءُ=و عَزَّ عَلَيْكَ أَنْ فُقِدَ الدَّواءُ و أَعسَرَتِ الأُمورُ عَلَيْكَ صَرْفاً=و ضاقَ الدَّهرُ و انكَشَفَ الغِطاءُ تَحَرَّ لدى بِقاعِ الشَّامِ قَبراً=به للهِ يَرْتَفِعُ الدُّعاءُ لِزَيْنَبَ وَلِّ طَرْفَكَ مُستَغيثاً=فأدنا ما يُبادِرُكَ السَّخاءُ و أذْلِلْ ماءَ وَجهِكَ في حِباها=فَخَيْرُ الذُّلِّ ما عَزَّ الحِباءُ تَوَسَّلْ بالعَقيلَةِ و ارتَجيها=ففي أكنافِها يَحْلو الرَّجاءُ و لُذْ بِجِوارِ خِدرِ بَنِي نِزارٍ=بِمَن شَرَفاً تَلوذُ بها السَّماءُ حِمى عَلْيا عليٍّ مَنْ إلَيهِم=بِأَمرِ اللهِ يَنصَرِفُ القَضاءُ و دارُ نَداً إذا ما العامُ أكْدَى=تَفَجَّرَ مِنْ جَوانِبِها الرَّخاءُ تَبيتُ بها جُموعُ الوَفدِ رَغْداً=فلا نَصَبٌ هُناكَ ولا عَياءُ و إنْ شاهَدْتَ فيها المَيتَ حياً=وعاد على السَّقيمِ بِها الشِّفاءُ فلا تَعجَبْ فإنَّكَ مِنْ تُرابٍ=ومِن ماءٍ لنا و لَكَ ابتِداءُ و إنَّ الماءَ يُحيي كلَّ شَيءٍ=فكيف بِمَن هُمو للماءِ ماءُ تَتِيهُ على جِنانِ الخُلْدِ قَدراً=و للوُفادِ فيها ما تَشاءُ و إنْ تَكُنِ التَّمائِمُ في رِقابِ=الورى حِرْزاً يُرَدُّ بِهِ البَلاءُ فإنَّ تُرابَ أرجُلِ زائِريها=يُجيرُ الخَلقَ إنْ ضاقَ الفَضاءُ و لو أنَّ الأنامَ بها أقامَت=لما طَلَعَتْ على مَيتٍ ذُكاءُ دِيارٌ مَنْ أطالَ المَدحَ فيها=جنى بالعِيِّ ما زَرَعَ العَناءُ و لَولا الحُكمُ قُلْتُ لِقاصِدِيها=لَكُم فيها عَنِ الحَجِّ اكتِفاءُ بِها أبصِرْ و لا تُبصِرْ إلَيها=و دُونَ الشَّمسِ يَكفيكَ الضِّياءُ هُناك لِزينبٍ جَدَثٌ تساما=غداةَ طَغى على الكَدَرِ الصَّفاءُ و مَجدٌ أيْقَنَ العُلَماءُ عَنهُ=بأنَّ العِلمَ غايَتُهُ الغَباءُ و صَرْحٌ أنْبَأَ الدُنيا قَديماً=بأنَّ الوَحيَ تُؤتاهُ النِّساءُ فَجُدْ إن جِئتها بالشَّوقِ وِرداً=و دَعْ لِلعَينِ ما جَهِلَ الثّناءُ و كيفَ لَكَ الثَّناءُ بِمَنْ ثَناها=تَجلّى حينَ أنْشَأَهُ الرِّثاءُ و إنَّ السَّيفَ أقتَلُ حالَتَيهِ=إذا نَطَقَتْ بِلَهجَتِهِ الدِّماءُ بَدَتْ في كَرْبلا و لَرُبَّ بادٍ=تَبَدا حينَ جَلَّلَهُ الخَفاءُ و أَضحَتْ لا كما اشتَهَتِ الأعادي=و لكن حَسبَما شاءَ الفِداءُ بها عُرِفَ التَّجلُّدُ في الرَّزايا=و لولاها لما خُلِقَ البُكاءُ هَوَيْتُ لِذِكرِها فَمَضَيْتُ ذُلاًّ=و قد أعيا سِوايَ الكِبرِياءُ و دِينُ المَرءِ نِسبَتُهُ فإن لم=تكُن حالاً فَشِرعَتُهُ انتِقاءُ و إنَّ لدى الغرامِ خَفيرَ صِدقِ=تَهَيَّبَ أنْ يُمالِقَهُ الرِّياءُ و خَيرُ هوى الفتى ما كان عَقلاً=له عن رِبقةِ العقلِ اعتِلاءُ و من تَكُ لِلحِجا عَيْناهُ رِقاً=أراهُ الذُّلُ ما يهوى الإباءُ لِذا فَاِقطَع عَلَيها الدَّهرَ لَطماً=و للزَّهراءِ فليكن العَزاءُ و هاتِ الحُزنَ تَشرِيعاً و عَهداً=فبالأحزانِ قد عُرِفَ الوَفاءُ و دَعْ مَن لامَني لِقَذيعِ دَمعي=إذا أنشاليَ الدَّمعَ الهِجاءُ فليس الجهلُ أنْ تَحيا حَزيناً=ولكن لو أضَرَّ بك الذَّكاءُ و أيُّ العَيشِ تَرضى بعد قومٍ=بقاءُ المَرءِ بعدَهُمُ فَناءُ رِجالٌ مِن بني الكَرارِ حَيٌّ=كَمِيُّهم و ميِّتُهم سواءُ كِلاهُم دونَ إمرَتِهِ المَنايا=رداً أو وِفقَ رَغبَتِهِ البَداءُ تَضيقُ بِهم جُسومُهمُ إباءً=و يُرْكِبُهُم ذُرى الموتِ الحياءُ قَضَوْا في الطَّفِّ واشَوْقاً إلَيهِم=كما شاءَ العُلى مِنهُم و شاؤوا فَتِلكَ جُسومُهُم تُنبيكَ أنَّ=المفاخِرَ لا يَليقُ بها الرِّداءُ و تِلكَ رُؤوسُهم تُرعيكَ أنَّ=العُقولَ لها على السُّمرِ اتِكاءُ و تِلك نِساؤُهُم مِن عُظمِ ما قد=دهاها لا يُواريها العِشاءُ تُبيحُ الخَيلُ مِنها كُلَّ خِدرٍ=تَحَذَّرَ أنْ يَمُرَّ بِهِ الهَواءُ و تَدفَعُ بالتَّوَسُّلِ سالِبيها=كأن بالوَصلِ يُكتَسَبُ الجَفاءُ و تَستَجدي الحِماءَ و قَبلُ أمناً=بِفَيْءِ جُدودِها يَفِدُ الحِماءُ كأني و المَقالُ سُلِبنَ جَهراً=بريئاً قضَّ مَضجَعَهُ ادِّعاءُ يُكَذِّبُ صِدقَ ما بالنفسِ عَنها=مَخافَةَ أن يَلِدَّ به الشَّقاءُ و لولا ثُكلُ آيِ اللهِ فيها=لقُلتُ بأنَّ ما رُوِيَ افتِراءُ و أخيَبُ ساتِرٍ لِلوجدِ عَينٌ=لها عَن غيرِ مَبكاها ارعِواءُ فَمَن عَني يُغَلغِلُها عِتاباً=يَجودُ بِه على الحُزنِ استياءُ أخو ثِقَةٍ إذا ما رامَ أمراً=تَقَطَّرَ عن جَوانِبِهِ الثّواءُ يَعُتُّ المَهمَهَ الوَحشِيَّ فَرداً=كأنْ للسِلمِ يُدنيهِ اعتِداءُ بِيَعمُلةٍ يُشَدُّ بِغارِبَيها=رِباطُ الجأشِ إنْ عزَّ الرواءُ تَنوءُ بها الفَلاةُ إذا عَلَتْها=رُباها تَتَّقيها و الجِواءُ كأنَّ جِرانَها في الجِدِّ حَقٌ=و أربَعَها إذا وَثَبَتْ مِراءُ يَحُطُّ على الغَرِيِ بها مُكِداً=مَحَطَّ الخِطِّ إن نَتَجَ الوِجاءُ بِمَن تُجبى المُلوكُ لهُ عَبيداً=و مَن تَفدي بنيهِ الأنبِياءُ و مَن كُلُّ الرِّجالِ إذا أُهيجَت=رُجولَتُهُ سَواءٌ و الإماءُ ظَهِيرُ مُحَمَّدٍ و شَبا يَدَيهِ=و مَن لَهُ عنهُ في الوَحيِ الأداءُ أبو الحَسَنَيْنِ نابُ فَمِ المَنايا=إذا الأعداءُ ورَّطها اللِقاءُ سَنَحْنَحُ لَيْلِها و لظى وَغاها=و مَنْ لهُ هامُ عَلياها وِطاءُ مِنَ المُختارِ و المختارُ مِنهُ=هما لُبٌّ و مَن شِئتَ اللِّحاءُ تَعيهِ المُصطفى روحاً و جِسماً=إذا لم يُصمِ والِدَك ادِّعاءُ عليُّ الوَحي و الآياتُ طُراًّ=و إنَّهُمُ عليٌّ حيثُ جاءوا و لولا المرتَضى لم يَأتِ وَحيٌ=و مَن لِلغَيثِ إنْ عُدِمَ الوِعاءُ جَميعُ الخَلقِ مِن رَملٍ بِداها=و غيرُ الرَّمل ليس لها انتهاءُ و حيدَرُ قَطُّ يُنمى حينَ يُنمى=لنورٍ للإلهِ لهُ انتِماءُ أعِرهُ إن أتَيْتَ النَّفسَ و اخضَع=بقَلبٍ قد أعارَكهُ البَهاءُ و أطرِق لا عُدِمتَ الخَيرَ و اخشَع=بأرضٍ مِن حَواسِدِها حِراءُ و قُلْ لأبي الحُسَينِ فِداكَ أُمي=على أبناكَ قد حُرِقَ الخِباءُ بَرَزنَ نِساك يا للهِ حسرى=و لولا الذُّعرُ ألجأها القِواءُ و أرهَقَها نِداكَ و لم تُجِبها=غدات دَعَت و قد جُذِبَ الرِّداءُ و أثقلُ من صلافةِ زاجِريها=بأنْ وافاكَ مِن فَمِها النِّداءُ و ليسَ بِمُفجِعٍ وَقعُ الرَّزايا=و لكن من سَواعِدِكَ القَلاءُ عليُّ و كم يَجيشُ بِكَ التَّأني=و كَم يَصفو لأعداكَ العِداءُ و كم تُغضي على الأقذاءِ طَرفاً=لِبأسِك و الأسى فيه اِلْتِقاءُ فما و أبيكَ لا أُثلِجتَ صَدراً=إذا لم يحوِ عِطفَيكَ القِباءُ و لا رَقَأت لِحاظُكَ عن بُكاها=إذا لم يُرقِ صارِمَكَ الرُّغاءُ و لا أنت الفتى المضَرِيُّ إنْ لَم=يُجَدْ إلا الرَّدى مِنكَ الوِقاءُ أَيُنثَرُ مِن نِسائِكَ كُلُّ قُرطٍ=به لولا التُّقى عُبِدَ السَّناءُ و يُفشيها السِّباءُ و قَبلُ خِدراً=كمِثلِ الصَّيفِ يلقاها الشِّتاءُ تكادُ نفوسُها لولا المَنايا=لِفرطِ الضَّيمِ يُرديها الحَياءُ تَخالُ مُتونَهُنَّ لما عَلاها=دِياراً قد أقامَ بها العَفاءُ و قد طافت حَوالَيها عِداها=عَتيقُ البَيتِ طافَ بهِ المُكاءُ كأنَّ قُلوبَهُنَّ بما أُصيبَت=وفاءٌ فيه قد وَلَغَ الدَّهاءُ و أنَّ جِباهَهُنَّ غدات هانت=ضُحاً أزرى بِرَونَقِهِ المَساءُ رعى موسى مَذودَ نِسا شُعَيبٍ=و قد سُقِيا و ما صَدَرَ الرِّعاءُ و أمَّ الظِّلَّ داعٍ حَيثُ جاءَت=على استِحيائها يَمشي الكَراءُ و لم تكُ حينَ بانَت ذاتَ ثُكلٍ=و ما هو و الوَغى مِنهُ إزاءُ فأينَ هُما و مَنْ أبكَت عَليها=عِداها حِينَ أرْغَمَها الحِداءُ و لم تَكُنِ السِّقا تَرجو و لكن=مَحاسِنَ مَن بهِ أودى السِّقاءُ أضَرَّ بِها الأُوامُ فما لِمُؤوٍ=عَدَت إلا و أقعَدَها الطِّواءُ و ما جُزِيَت بِحُسناها و لكن=بِقَتلِ حُماتِها كانَ الجَزاءُ و قد كان الرَّدى يُخشى قديماً=و بعد بنيكَ قد خُشِيَ البَقاءُ بُدورٌ دعَّ أعضاها العَوادي=و أزَّ البِيضَ من دَمِها اعتِراءُ ثَوَتْ مِن جانِبِ الهَيجا كِراماً=كما يهوى التَّجرُّؤُ و السَّخاءُ تَلوذُ بها لدى الرَّوعِ المَواضي=بِحَيدِ الطَّودِ للنسرِ اِلْتِجاء كأنَّ النَّبلَ مِنها كُلُّ عُضوٍ=طلاهُ من دَمِ النُّبْلِ الجلاءُ و ما هي إذْ هَوَت إلا جِبالٌ=لِذا لم يَحْوِها إلا العَراءُ أبادَهُمُ "عليُّ" لك الوَفاءُ=و لا ذَنْبٌ بِهِ حاشاكَ باءُوا فَأيُّ الموقِفَينِ عَلَيْكَ أدهى=ردى أهليكَ أم مِنها الوَلاءُ و أيُّ الحالَتَينِ لك استَطابَت=تُقى أبناكَ أم فيها البَلاءُ و ظِلٍّ لم يَقَعْ لِلأرْضِ يَوماً=لِزَيْنَبَ كيف عَفَّرَهُ السِّباءُ غدات بَدَت فلم تَدري الأعادي=ألاحَ النَّصرُ أم بالذُّلِّ ناءُوا تُلامِسُها لِحاظُ القَوْمِ خُبثاً=و يَستُرُها عنِ اللَّحظِ الهَباءُ و يُسمِعُها الخَنا كلُّ ابنِ نَغْلٍ=لها عن فِيهِ بالنَّوحِ اتقاءُ على الرَّمْضى عَدتْ فَرَقاً كأنَّ=الثَّرى جَمرٌ عَليهِ عدى الكِباءُ تلاقَتْ و الحُسَيْنُ و لَستَ تَدري=بأيِّهِما لَقد نَزَلَ القَضاءُ و نادَتهُ أُخَيَّ فَرَدَّ طَرفاً=على إنسانِهِ جَمُدَ الإخاءُ تَخالُهُما و قد وَقَفَت عَلَيْهِ=يَميناً قد علا فيها اللِّواءُ يَجودُ بِمُهجَةٍ لولا رماها=لزانَ العَرشَ في الأرضِ البِناءُ و لو أيوبَ أبْصَرَ ما أحَسَّت=لأضحَكهُ على الصَّبرِ الوباءُ مَناكِبُ عن رَقيبَيْها تَعالَت=و لولا السِّترُ لم يَرَها الكِساءُ تَخالُ بها الصِّفادَ و قد فَرَاها=لَئِيماً حَضَّ خِسَّتَهُ العَطاءُ فإن سارَت أماماً حَزَّ مِنها=قَرينةَ ما إذا وَقَفَ الوَراءُ و ليس القَيدُ مَن أدمى يَدَيها=و لكن بَعدَ عِزَّتِها انحِناءُ تَجوبُ بها البِلادَ عَبيدُ هِندٍ=و غَيرَ الهَضمِ ليس لها فِناءُ و تُعتَلُ كالإما بأبي و أمي=نكالاً يُدمِ أرجُلَها الحَفاءُ و تُهدى و هي أزكا الخَلقِ نَجراً=لأهجَنِ مَن تَعاطاهُ البِغاءُ لِمَن تَعزوهُ كُفراً كُلُّ أمٍّ=لِغَيرِ الفُحشِ ليس لها اعتِزاءُ و لَيسَ هِجاكَهُ إلا مَديحاً=فَزِينَةُ أجرَبِ الإبِلِ الطِّلاءُ لإنْ رَكِبَ الإِمارَةَ و هو غَيٌّ=فلَيسَ يُعابُ بالسُمِّ الإناءُ و إنْ والَتهُ جلُّ الناسِ يَوماً=فأكثَرُ مَطعَمِ الناسِ الغُثاءُ و إنْ بَلَغَ المُنى فيما اجتَناهُ=فأبلغُ ما لدى الكلبِ العُواءُ و إنْ رُغِمَ الأنامُ به أميراً=فَفَوْقَ السَّيلِ للزَبَدِ ارتِقاءُ تُميتُ المرءَ هِمَّتُهُ و يُحيي=رُفاتَ الخَلقِ مِن دَمِهِ الجَداءُ و يَعلو مِثْلُ زَيْنَبَ في البَرايا=و لَوْ سادَ الكرامَ الأدعياءُ

Testing
عرض القصيدة