شعراء أهل البيت عليهم السلام - النَحْرُ يُشْرِقُ مَرَّتَيْن (لوحات كربلائية)

عــــدد الأبـيـات
0
عدد المشاهدات
342
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
05/10/2023
وقـــت الإضــافــة
12:18 صباحًا

( 1 )
الشَّمْسُ تَغْرُبُ مَرَّةً
وَالنَّحْرُ يُشْرِقُ مَرَّتَيْنْ
ثَابَ الغُرُوبْ
وَاللَّيْلُ قَدْ كَسَبَ الرِّهَانْ
وَتَدَحْرَجَتْ
مِنْ مُقْلَةِ الشَّمْسِ الجَرِيحَةِ
دَمْعَتَانْ
وَكَغَيْمَةٍ
مَخْضُوبَةٍ بَالأُرْجُوَانْ
تَسْقِي الفُرَاتَ
وَتَنْحَنِي
كَالنَّهْرِ فِي شَفَةِ الحُسَيْنْ !

( 2 )
هَلْ قُلْتُ إنَّ فَمًا هُنَاكَ ؟!
وَثَغْرُهُ
مَازَالَ مُلْتَصِقًا
بِثَغْرِ المُصْطَفَى
طِفْلاً يُشَاغِبُ جَدَّهُ
مُتَغَنِّجًا
مُتَدَلِّلاً
مُتَلَطِّفَا
وَيَشُمُّ مَنْحَرَهُ الرَّهيفْ
هَذَا المُلَبَّدُ بِالسِّهَامْ
هَذَا المُعَفَّرُ في الظَّلامْ
هَذَا المُسَدَّى
فَارِسٌ
وَالنَّائِمُونَ عَلَى الصَّعِيدِ
أَشَاوِسٌ
لَكِنْ
ضِرَابُ السَّيْفِ أَتْعَبَهُمْ
ظَهِيرَةَ يَوْمِ عَاشُورَا
فَآوَوْا لِلْمَنَامْ !
لا تُزْعِجُوا أَحْلامَهُمْ
لا يَحْلُمُونَ
بِأَنْهُرِ اللَّبَنِ المُصَفَّى وَالعَسَلْ
أَوْ رَشْفِ نَاعِسَةِ المُقَلْ
لَكِنْ يُدَاعِبُ طَيْفَهُمْ
ظَلٌّ شَفِيفُ اللَّوْنِ
خَمْرِيَّ الصَّبَابَةِ
لَمْ يَزَلْ

( 3 )
هُوَ ذَا هُنَالِكَ
يَمْتَطِي
ظَهْرَ الرَّسُولِ حِصَانَهُ
إمَّا سَجَدْ !
مَا امْتَدَّ فِي البَيْدَا وَتَدْ
وَسنَابِكُ الخَيْلِ اللَّعِينَةِ
لَمْ تَطَأْ فَوْقَ الجَسَدْ!
وَالشِّمْرُ فَوْقَ البُرْجِ واللاهُوتِ
يَوْمًا مَا قَعَدْ!
لَمْ يَعْلُ رَأْسٌ فَوْقَ رُمْحٍ سَمْهَرِيٍّ
لا أَحَدْ !
مَا حُزَّ رَأْسُ مُحَمَّدٍ
مَا جُزَّ شِلْوُ مُحَمَّدٍ
مَا رُضَّ ضِلْعُ مُحَمَّدٍ
لَمْ يُفْرَ مِنْ وَدَجٍ
هُنَا
لَمْ تُبْرَ يَدْ !

( 4 )
هَلْ قُلْتُ إنَّ يَدًا هُنَاكَ ؟
وَحَامِلُ العَلَمِ الوَسِيمُ
يَصُكُّ أَفْئِدَةَ الرِّجَالْ
تَسِيخُ فِي يَدِهِ الجِبَالْ
يَفُكُّ مَبْرُومَ الحِبَالْ
لَكِنَّ ثَمَّةَ مَا يُرِيبْ
جَلَلٌ رَهِيبْ
فَوْقَ التَّصَوُّرِ وَالخَيَالْ
شَيْءٌ مُحَالْ
شَفَقٌ
تُلَوِّنُهُ الرِّمَالْ
مِنْ حُمْرَةِ الرَّأْسِ المُشَالِ ..
عَلَى الذُّبَالْ
فَتَارَةً
تَقَعُ النِّصَالُ عَلَى النِّصَالْ
وَتَارَةً
أُخْرَى
عَلَى قَلْبِ الحُسَيْنْ !

( 5 )
هَلْ هَذِهِ الخَصَلاتُ
مِنْ سَعَفِ النَّخِيلْ
سَكْرَى تَمِيلْ
ذَاتَ اليَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ
يَهُزُّهَا لَفْحُ الرِّيَاحْ؟
أَمْ تِلْكَ أَشْفَارُ الصَّيَاقِلِ
وَالعَوَاسِلِ
وَالذَّوَابِلِ
وَالرِّمَاحْ ؟
تَشْتَاقُ خَاصِرَةَ الحُسَيْنْ!

( 6 )
وَرَدَ الحِيَاضَ العَذْبَ
ذَاوِي الشَفَّتَيْنْ
مُتَخَيِّرًا إحْدَى اثْنَتَيْنْ:
إمَّا اليَدَانِ بِلا العِنَاقِ
أوْ العِنَاقُ بِلا يَدَيْنْ
فَاخْتَارَ أنْ يَرِدَ الحُسَيْنْ!

( 7 )
رَكَزَ الفَتَى كَالرُّمْحِ
بَيْنَ العَسْكَرَيْنْ
مُتَسَائِلاً لا سَائِلاً:
يَا وَالِدِي ..
الحَقَّ أَيْنْ ؟
(...............)
نَمْضِي إِذَنْ
كُلُّ الدُّرُوبِ مُضِيئَةٌ
مِنْ زَيْتِ قِنْدِيلِ الحُسَيْنْ !

( 8 )
وَيُقَالُ لَمْ يَكُ مِنْ زِفَافْ!
هَبْ أنَّهُ
نَسَجَتْهُ أَشْرِعَةُ الزَّوَارِقِ فِي الضِّفَافْ
لِمَ أَحْضَرُوا الحِنَّاءَ وَالعُنَّابَ
وَاخْتَضَبُوا إذَنْ؟
لِمَ يَقْرَعُونَ طُبُولَهُمْ؟
وَيُرَقِّصُونَ دُفُوفَهُمْ
وَسُيُوفَهُمْ؟
لِمَ أَمْهَرُوهَا مُهْجَةً
جَذْلَى
يُمَلْمِلُهَا البَدَنْ؟
وَالخَيْلُ تُرْهِجُ فِي الفَلا
فَرَحًا تُصَفِّقُ كَرْبَلا !

( 9 )
هَلْ كَرْبَلاءُ
خَيْمَةٌ
مَغْرُوْسَةٌ
أَوْتَادُهَا فِي كِلِّ عَيْنْ؟
أمْ كَرْبَلاءُ رِوَايَةٌ
مَسْلُوخَةٌ
مِنْ أَلْفِ لَيْلَةِ ..
لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنْ ؟
وَفُصُولُهَا
مَازَالَ يَكْتُبُهَا الحُسَيْنْ !

( 10 )
ثَارَتْ عَجَاجَاتُ الغُبَارْ
وَلَمْ يَعُدْ شَيْءٌ يُضِيْءُ
سِوَى البُرُوقِ مِنَ الشِّفَارْ
مَنْ يَحْمِلُ المِصْبَاحَ
فِي تِلْكَ العِثَارِ
لِكَيْ نَرَى
مِنْ أَيْنَ يَنْبَجِسُ النَّهَارْ؟

( 11 )
وَحْدِي
وَأَطْبَقَتْ الجِهَاتُ الأَرْبَعُ
مَازَالَ عِنْدِي إصْبَعُ !

( 12 )
سَقَطَ الغَرِيبْ !
(عِيْسَى) تَدَلَّى رَأْسُهُ فَوْقَ الصَّلِيبْ
(يَحْيَى) تَرِيبْ
يَتَنَهَّدُ النَّحْرُ الخَضِيبْ
صَمْتٌ يَدِبُّ
عَلَى نَوَاوِيسِ المَقَابِرِ
فِي المَفَاوِزِ
وَالصَّدَى مُتَوَحِّشٌ
كَرَسَائِلِ الخِذْلانِ
أَكْوَامٌ
وَأَكْوَامٌ
وَلا أَحْدٌ يُجِيبْ!

( 13 )
جُثَثٌ عَلَى مَدِّ البَصَرْ
هَامَاتُهَا وَسَطَ النُّجُومِ
مُعَلَّقَاتٌ كَالقَمَرْ
أَجْسَادُهَا
نهْبُ الحَوَافِرِ وَالحُفَرْ

( 14 )
وَأَكَادُ أَسْمَعُ من بَعِيدٍ
غُصَّةَ الرَّمَقِ الأَخِيرْ
وعَزِيفَ أَوْرِدَةِ النَّشِيْجِ
عَلَى المَدَى
كَالمُسْتَجِيرْ
مِنْ حَيْثُ يَرْتَعِشُ الرَّدَى
(مُتَرَدِّدَا)
رَجْعُ الصَّدَى:
هَلْ مِنْ نَصِيرٍ ..
مِنْ نَصِيرٍ ..
مِنْ نَصِيرْ ؟
يَرْتَدُّ ..
كَالطَّرْفِ الحَسِيرْ
يَرْتَدُّ ..
كَالمُهْرِ الكَسِيرْ
وَيَخُبُّ
نَحْوَ قَوَافِلِ الأَلَمِ المَرِيرْ
فِي غَيْهَبِ الصَّحْرَاءِ
مَا زَالَتْ تَسِيرْ
تَصْطَكُّ آذَانُ النِّسَاءِ الثَّاكِلاتْ
وَتَغِصُّ أَعْيُنُهُنَّ مِنْ وَجَعِ القَذَى
وَهَوادِجُ الذِّكْرَى
تُلَفِّعُهُا
مَسَاءَاتُ الحَرَائِقِ فِي الخِيَامْ
وَخشْخَشَاتُ صَوَارِمِ الجَيْشِ اللُّهَامْ
وَتَفِرُّ أَطْفَالُ الحُسَيْنْ
لَكِنْ لأَيْنْ؟

( 15 )
هَلْ سَجَّلَ التَّارِيخُ
فِي الفَصْلِ الأخِيرْ
مِنْ أجْلِ حَفْنَةِ عَجْوَةٍ
سَقَطَ الضَّمِيرْ ؟!
Testing